قبل سنة جاءني اتصال من الزميل الصديق الإعلامي ومقدم البرامج في قناة “إقراء” الأخ بندر الحربي، وقال هناك من يريد السلام عليك؛ لم أتفاجأ أن يسلم علي بصوته الخافت الأخ عبدالله بانعمه ويسألني عن الحال والأبناء، ودار بيننا حديث شيَّق عن أيام الحارة والشقاوة إبان إن كنت أدرس في ثانوية بدر المطورة!
عبدالله بانعمه بحكم أنه يسكن في حينا السكني “البوادي” كان والده -رحمه الله تعالى- أشهر صاحب محل فول في الحارة، وكان يرتبط بكل من حوله بعلاقات وثيقة إبان إن كان في المرحلة الثانوية، ولكن قدر الله عليه أن يقفز من ارتفاع كبير في مسبح أحد الشاليهات في جدة، ويكون سقوطه على الرأس في المسبح المنخفض مما تسبب له في شلل رباعي!
كان عبدالله -رحمه الله تعالى- مثالًا للمؤمن المحتسب الراضي بقضاء الله وقدره، ووقفت والدته بجانبه بعد إصابته بالشلل، وتحول خلال فترة مرضه إلى داعية إسلامي يؤثر على الشباب بكلماته التوعوية الممزوجة بالفكاهة والمعلومات العامة والنصائح التي تواصل للتسامح والأخلاق الحميدة والتواضع، والطيبة ومكارم الأخلاق!
كل من عرف عبدالله يدرك أنه محبوب جدًا بل إن الأخ بندر الحربي يقول: إنه نسق مع مشرفين في أحد أقسام أرامكو السعودية في جدة من أجل محاضرة توعوية، وبمجرد الإعلان عن محاضرة للشباب يقدمها الداعية بانعمه حتى امتلأت الصالة عن بكرة أبيها بالشباب الذي أتى وهو على يقين أن عبدالله لديه ما يقدمه من علم نافع ونصائح تقدم له ما يفيده في الحياة؛ كون تجربة المقدم مؤثرة خلال مرضه الذي تعرض له “الشلل الرباعي”، وسبحان الله حوَّل محنته إلى منحة لكي يستفيد الجميع من تجاربه في الحياة وتجربته مع المرض، وتخطى الصعاب وقدرته على التأثير على الكثير من الشباب من خلال المحاضرات والدروس التي يقدمها؛ حيث كان منزل والده عامرًا بالزوار من مختلف مناطق المملكة محبة لإنسان يحب الجميع في الله، ويقدم نموذجًا لشاب سعودي لم يعجزه المرض عن أن يواصل رحلته في العلم والمعارف، وتقديم النصيحة بأسلوب رشيق وفكاهي!
رحم الله الشيخ عبدالله بانعمه وأسكنه فسيح جناته، وأعتقد أن الواجب على أصدقائه ومعارفه توثيق رحلته مع المرض والدعوة للدين الإسلامي المعتدل والوسطي، وتقديمها للقراء الكرام في كتاب يستفيد الجميع من محتواه !
خروج:
أثبت بانعمه أن الإعاقة إعاقة الفكر وليست إعاقة الجسد بدليل تأثر الكثير بالشباب من خلال رحلته الدعوية التي استمرت لأكثر من ربع قرن !!
0