المقالات

السموم القاتلة ودور التربية في مواجهتها

لا شك أن أخطر التحديات هو ما يتجه في هجومه إلى عقول وفكر الشباب، ومواجهة تلك التحديات تبدأ من التربية والتعليم في المجتمع؛ حيث تتشارك الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد ووسائل الإعلام وغيرها من المؤسسات لمواجهتها، ويقع على المؤسسات التعليمية مسؤولية التربية الحياتية للشباب في جميع الجوانب، ومن ثم فعليها الوفاء بدورها في تنمية عقولهم، وصون أمنهم الفكري في ظل التحديات التي يشهدها العالم الإسلامي اليوم، ومن أبرزها التحديات الفكرية بوسائلها وأساليبها المختلفة، ولعل من أخطر هذه التحديات الترويج للمخدرات بجميع أشكالها المختلفة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع المشبوهة وغيرها لنفث تلك السموم القاتلة إلى عقول الشباب في مجتمعنا المستهدف من قبل أعدائنا الحاقدين والناقمين لهذا الوطن المبارك وقادته الأوفياء.

ونظرًا لخطورة هذه الآفات القاتلة؛ بات من الواجب على جميع مؤسسات المجتمع الوفاء بالأدوار المنوطة بها والتي تتوافق مع ثوابتنا التي أُسست عليها هذه البلاد المباركة، ومن فضل الله تعالى أننا ننعم باهتمام قادة أوفياء منذ قيام هذه الدولة المباركة وتوحيدها على يد المؤسس الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- حتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملك الحزم والعزم، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان القائد المُلهم وعرّاب رؤية المملكة ٢٠٣٠؛ حيث يولي سموه الشباب جُل اهتمامه بما يضمن لهم الحياة الكريمة، والعمل على تسخير كافة الإمكانات لاستيعاب طاقاتهم، وتحقيق رغباتهم وإشراكهم في تحقيق أهداف هذه الرؤية المُباركة، والتي بدأنا نجني ثمارها اليوم بحمد الله تعالى.
لذا فإنه من الواجب تكامل الأدوار والعمل الجاد بروح الفريق الواحد؛ لحماية عقول وأرواح الشباب من تلك السموم القاتلة بين جميع مؤسسات المجتمع بدءًا بالأسرة التي تعتبر المحضن الأول والمنطلق الحقيقي لإعداد جيل صالح مؤمن بربه، ومتبع لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ومتمسك بتعاليم دينه الحنيف قولًا وعملًا، وهذا يتطلب وجود القدوة الحسنة في الأسرة المتمثلة في الوالدين حتى ينشأ جيلٌ صالح في نفسه، ومصلح لغيره يتفانى في خدمة دينه ووطنه وولاة أمره، ويسهم في دفع عجلة التنمية، وتحقيق طموحات القيادة الرشيدة.
وتعتبر المدرسة المحضن الثاني في استكمال التنشئة الصالحة للشباب وتوجيههم وتوعيتهم بمخاطر المخدرات، وأضرارها وسبل الوقاية منها من خلال توظيف المنهج المدرسي بمفهومه الحديث، والذي يشمل جميع ما تقدمه المدرسة للطالب والطالبة من المقررات الدراسية، والبرامج والأنشطة التربوية، والفعاليات المختلفة، والبيئة الجاذبة التي تتيح لهم تعلمًا إيجابيًا من حيث إكسابهم المعارف والمهارات لصقل مواهبهم، وتنمية مهاراتهم وقدراتهم وفق منهجية علمية تحقق الآمال والتطلعات المستقبلية.
وعندما يصل الشاب إلى هذا الوعي وينتقل إلى المرحلة الأكثر نضجًا وهي المرحلة الجامعية بما تمتلكه من الإمكانات المختلفة، والتي تسهم في إعداد الشباب إعدادًا متكاملًا في جميع جوانب النمو، وتبصيرهم بمخاطر آفة المخدرات، وتوجيههم ورعايتهم حسب ميولهم ورغباتهم حتى يصبحوا أفرادًا منتجين يخدمون دينهم ووطنهم ومجتمعهم بكل ما يمتلكون من خبرات ومعارف في كافة المجالات، حينها يصل المجتمع إلى درجة عالية من الوعي بأهمية التربية كوسيلة فاعلة لمواجهة آفة المخدرات بعد توفيق الله تعالى.
ومن الأدوار المهمة أيضًا لمواجهة أخطار المخدرات تلك الجهود المبذولة من الجمعيات الخيرية لا سيما الجمعيات التي تُعنى بمواجهة هذا الآفات القاتلة؛ حيث يوجد عدد من الجمعيات في بلادنا المباركة تبذل جهودًا مشكورة تهدف إلى احتواء وتوعية ورعاية الفئة المستهدفة ممن وقع ضحيةً للمخدرات.
ولعل جمعية عون بمنطقة عسير إحدى تلك الجمعيات المباركة، وقد وقفتُ على أنشطتها وبرامجها، والتي تهدف إلى تقديم التأهيل والعلاج لمدمني المخدرات ورعاية أُسرهم، وتوعية المجتمع من منطلق ديني ووطني عبر برامج وخدمات نوعية بمنطقة عسير، والتي تتطلب من الجميع الدعم والتشجيع لتحقيق تلك الأهداف النبيلة بما يخدم الفئات المستهدفة بإذن الله تعالى.
لا شك أن التكامل بين مؤسسات المجتمع السالفة الذكر؛ يُعد مطلبًا مُلحًا يستوجب العمل بروح الفريق الواحد للأخذ بأيدي شبابنا إلى منصات التتويج؛ ليصبحوا عناصر صالحة تسهم في بناء وتطور وتقدم هذا الوطن المعطاء في ظل قادته الأوفياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى