الأولى:
ليس بالضرورة أن يكون القائد الحقيقي للمؤسسة هو من يتربع على قمة هرمها التنظيمي، فقد يبرز فجأة ثعلب ماكر أو حية رقطاء؛ فيختطف منه ذلك الدور سواءً كان ذلك الأمر بطرق مشروعة أو حتى بأساليب ملتوية، أي ربما يستولى شخص ما على دور المدير في مواقف معينة وبرغبة وموافقة المدير نفسه؛ من أجل هدف غير معروف لبعض الموظفين، ولكنه ربما يكون معروفًا للبعض الآخر، وهي دون شك ممارسة خاطئة وخطرة، وتكون الخطورة أكبر عندما يمارس شخص ما دور مدير المؤسسة رغمًا عنه؛ مستغلًا ضعف شخصيته أو مستندًا إلى دعم خفي من طرف ثالث أعلى سلطة من مدير المؤسسة أو ربما يكون ذلك الشخص ممسكًا على المدير بعض المآخذ والأخطاء التي يستطيع من خلالها ابتزاز المدير في مواقف معينة للتأثير من خلالها على عملية اتخاذ القرار، وتجييره لمصالحه الشخصية. ثم ما تلبث أن تبرز صراعات معلنة وأخرى غير معلنة بين الطرف المختطف سلطة المدير وبين زملائه المساوين له في الدرجة الوظيفية؛ بسبب توسع دوره الوظيفي وتمدد صلاحياته، وتنامي نفوذه على حساب أدوارهم وتهميشهم في كثير من الحالات بل وزحزحة أي منهم عن منصبه عندما يشعر ذلك الشخص بأن هناك طرفًا معينًا يقف في طريقه أو يُشكل خطرًا على مصالحه الخاصة. إن وجود الواقع المر والبديل الماكر في الهيكل التنظيمي أمر غير إيجابي، ولا يوازيه سوءًا سوى وجود حية رقطاء يهدد خطرها الدائم كل من حولها، فبوجود الإثنين معًا أو أحدهما تكون الأضرار كبيرة على الأداء وعلى المؤسسة بشكل عام، الأمر الذي يسهم غالبًا في خلق بيئة عمل غير صحية وطاردة للكثير من الكفاءات، كما أوجدت هذه البيئة جيلًا من الموظفين يتسم بالخضوع والخنوع والاستسلام لمكر الثعلب ولدغات الحية الرقطاء. فانظر حولك هل ترى وجودًا لأبي الحصين أو أثرًا لأم جنيب؛ عندها اعلم أن اللدغة القادمة ستكون في جسد مدير المؤسسة؟
الثانية:
حظيت المرأة السعودية باهتمام ورعاية القيادة الحكيمة، وجاءت رؤية 2030 لتمنح المرأة سبل التمكين بمجموعة من القرارات التاريخية التي شكلت نقلة نوعية وغير مسبوقة عززت من دور المرأة في مختلف الميادين، فأضحت شريكًا فاعلًا في مسيرة التنمية ورفعة الوطن، وحققت نجاحات نوعية في مختلف المجالات. لكن هناك وبكل أسف فئة من المسؤولين وإن لم تكن كبيرة؛ قد فسرت موضوع تمكين المرأة بشكل خاطئ. فعندما يضع المدير امرأة في منصب ومركز اتخاذ قرار لا يتناسب مع مؤهلاتها وقدراتها وخبراتها؛ فهو يضر بالمؤسسة ومنسوبيها ويقف حجر عثرة في مسيرة رؤية سمو ولي العهد -حفظه الله-؛ بل ويضر تلك المرأة من حيث لا يدري، وربما من حيث يدري!! أي ربما يهدف بخبثه إلى أن يحرق كارت المرأة ويسيء إلى تمكينها ويثبت أنها ليست أهلًا للمنصب، وخاصةً عندما يتم تمكين امرأة ثبت فشلها في عدد من المواقف، وعلى حساب زميلات لها في نفس المؤسسة هن أكثر منها تأهيلاً وقدرةً وخبرةً وإنتاجية!! عند ذلك وعلى غرار وجود مراكز وهيئات للتوازن بين الجنسين؛ لا نستبعد المطالبة بإيجاد مركز للتوازن بين الجنس اللطيف وبعضهن، وذلك لإنصاف المرأة المتمكنة من المرأة الضعيفة.
الثالثة:
اكتسبت وظيفة المستشار أهمية كبيرة وتحظى بتقدير عالٍ؛ نظرًا لما لها من دور كبير في إبداء الرأي والمشورة وتقديم المقترحات لتطوير أعمال المؤسسة، ولكن للأسف أن هذه الوظيفة في كثير من المؤسسات لم تعد تحظى بذات التقدير والاهتمام؛ نظرًا لاختلاط المسمى بين من يمارس هذه الوظيفة بشكل فعال، ومن يحمل المسمى بدون أي عمل يذكر حتى وإن كان الشخص مؤهلًا وأهلًا للمنصب؛ ويتضح هذا الأمر جليًا عند وجود شخص ما في منصب كبير فإذا (حدثت منه أو أحدثت!!) له مشكلة في إدارته من قبل طرف ما؛ فيتم التخلص منه بتعيينه مستشارًا، وليتهم يسمحون له بممارسة مهامه الاستشارية كونه على درجة عالية من الكفاءة والخبرة؛ وإنما للأسف الشديد أن هدفهم من ذلك التغيير هو كما يقال: (أن يتم ركنه على الرف)، وبذلك تصبح مهنة المستشار في بعض المؤسسات هي: مهنة من لا عمل له.
الخاتمة:
يقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (اللهم إني أشكو إليك جَلَدَ الفاجر وعجز الثقة).
————————
• عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة.