المقالات

البحث عن السمعة

السمعة هي ما يتحدث به الآخرون عنك في حال غيابك وهي رأس المال الحقيقي، أما الثناء العطر والكلام الجميل أثناء حضورك؛ فيكون أقرب للمجاملة ولا يعتد به أثناء تقييم الأداء.

والسمعة تعيش أكثر من عمر الإنسان، وتبقى حتى بعد وفاته؛ ولذلك من الضرورة بمكان التمتع بالسمعة الحسنة والذكرى الطيبة التي ستبقى مقترنة باسمك حتى بعد وفاتك، والناس لا ينسون في الغالب ولكنهم يتناسون برغبتهم متى ما أرادوا، ولذلك حافظ على السمعة الطيبة التي لا تأتي من فراغ بل هي نتيجة ما تقوم به من جهود لكسب ثقة الآخرين.

ولو رجعنا قليلًا إلى الوراء لوجدنا أن التجار المسلمين الذين جابوا مشارق الأرض ومغاربها ساهموا في نشر الدين الإسلامي بسبب ما كانوا يتمتعون به من أخلاق فاضلة وسمعة طيبة وقدوة حسنة أثارت إعجاب غير المسلمين.

(وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) (آل عمران: 159)
ولذلك فإنه لا بد من تغيير الصورة الذهنية التي نشأت لدى معظم دول العالم عن الإسلام والمسلمين بسبب الجرائم الكبيرة التي ارتكبها تنظيم القاعدة وداعش والنصرة وحزب الله وأنصار الله وغيرهم من التنظيمات المارقة التي شوَّهت سمعة الإسلام، وهي في الحقيقة لا تمت له بصلة وإنما صنيعة منظمات استخباراتية مُعادية للإسلام والمسلمين.

والاهتمام بالسمعة الطيبة في أي منشأة يستلزم تكوين علاقات جيدة مع القيادة والجمهور والقيادة هم الرؤساء، ومن في حكمهم من أصحاب القرار أما الجمهور فغالبًا ما يتم تقسيمهم إلى صنفين أحدهما جمهور داخلي يُمثِّل موظفي المنشأة والمنتسبين لها، ولا بد أن توفر لهم المنشأة بيئة عمل مناسبة وتحرص على كسب رضاهم؛ لأنهم لا محالة سيعكسون صورة مُعبرَة عن منشآتهم سواءً كانت سلبية أو إيجابية، والآخر هو الجمهور الخارجي، ونعني بهم العملاء الذين يستفيدون من خدمات المنشأة ويتعاملون معها، وعلى المؤسسة أن تحافظ على توطيد علاقات متميزة معهم.

وتكوين السمعة الطيبة لا يقتصر على التعامل المباشر مع المستهدف سواءً كان داخليًا أو خارجيًا، وإنما يتجاوزه إلى بث الرسائل الهادفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتحسين سمعة المنشأة وجذب أكبر عدد من المستهدفين.

ولا بد من الإشارة إلى أن للمشاركات المجتمعية دورًا بارزًا في تكوين سمعة طيبة عن الفرد أو المنشأة؛ وخاصة إذا كانت المشاركة في الأعمال التطوعية والإنسانية التي يعود نفعها على الجميع.

بقي أن نشدد على البحث عن وسائل تحقيق السمعة الحسنة، ونتبعها ونحافظ عليها لنحافظ على جودة الحياة وديمومتها.

– كاتب رأي ومستشار أمني

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال واعٍ رصين أتي على الموضوع من عدّة زوايا، وأشبعه بحثا.
    شكرا سعادة المستشار على هذا الإثراء الرائع!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى