إن التحدي الماثل أمامنا، والذي يمثله الإرهاب ومن يقف معه ويغذيه ليس سهلًا، فنحن بأمس الحاجة إلى وسائل غير تقليدية لمحاربة آفة الإرهاب والفكر المتطرف، ونحتاج إلى نمط تفكير جديد، يسهم في دحر الأفكار المغلوطة والمفاهيم غير الدقيقة التي يعتاش عليها الإرهابيون كي لا نورث الأجيال القادمة مزيدًا من الفوضى والعنف والدمار.
إن من أبرز الأدوار التي يجب أن تتصدى لها وسائل الإعلام هي الوقوف على المزاعم الكاذبة والافتراءات الكبرى، والفتاوى والخرافات التي يروجها أصحاب الفكر المتطرف وتفنيدها.
وبالنظر إلى واقعنا اليوم – مع انتشار وسائل الاعلام المختلفة – يتبين لنا أن انتشار ظاهرة الإرهاب اتخاذ مسؤولية محاربتها يجب على الجميع بذلك؛ لأن الإرهابي هو عدو للكل، قد غذى نفسه غذاء الكراهية لغيره فلا يفرق بينهم صغير وكبير وقوي وضعيف، وغني وفقير.
لذا نستغرب عندما نجد بعض وسائل الإعلام التي تشرف عليها جهات ودول في محاربة الإرهاب شغلها الشاغل، تجعل موضوع الإرهاب ومكافحتها بعيدة عن سياستها الإعلامية، فكأن محاربة الإرهاب للمساجد والمدارس فقط، وهو مفهوم خاطئ؛ لأن الإعلام بما في ذلك المرئية والسمعية والمقروءة يقرب العالم إلى المتابع بأسرع وقت ممكن؛ فالتجاهل عن حديث الساعة وهو محاربة الإرهاب ظلم وعدوان مبين.
فلما كانت المملكة العربية السعودية بريادتها لخدمة الاسلام والمسلمين منذ بداية أمرها للشعور بمسؤوليتها حرصت كل الحرص في توجيه رسالة الإعلام توجيهًا سليمًا طابعها نشر التسامح وإبراز قيم الإسلام أمام العالم، فكانت اهتمامها توسيع دائرة الإعلام في جامعاتها، فما من جامعة من جامعاتها إلا ولها جهود بارزة مشهورة ببناء مؤسسة إعلامية سواء كانت كلية أو قسم أو مركزًا للإعلام؛ ليلتحق إليها من سيكونون قادة الإعلام بأنواعه المختلفة.
ونحن نعيش عهدًا ميمونًا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما -الله نرى أن المملكة العربية السعودية كل يوم تفتح صفحة جديدة في مجال التقدم والازدهار، ومنها المجال الإعلامي الذي استطاع اليوم أن يقفز قفزة واسعة في مضاهاة الإعلام العالمي.
ولا ننسى تلك الرؤيا التي نادى بها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله- بأن تكون المملكة العربية السعودية في مقدمة دول العالم إنتاجًا وتصديرًا للخير، ويشعر المواطن والمقيم والزائر مكانتها في التلاحم والتعاطف بينها وقيادتها الرشيدة الحكيمة، ولا يتم ذلك إلا إذا تم القضاء على الفكر الإرهابي الذي يدمر الكل.
وللإعلام السعودي دوره في ذلك، فمن هنا تستضيف الرياض فعاليات النسخة الثانية من المنتدى السعودي للإعلام يومي 20و21 من فبراير 2023 في حضور عدد كبير من الإعلاميين ورؤساء تحرير صحف سعوديين وعرب، لمناقشة محاور متنوعة تتعلق بمستقبل الإعلام العربي.
ومشاركة 1000 شخصية إعلامية من دول عربية وعالمية يقدمون العديد من أوراق العمل المتخصصة، ومناقشتها مع الحضور، للخروج بتوصيات تسهم في تطوير صناعة الإعلام في المنطقة هذه رسالة قوية للمملكة العربية السعودية أمام العالم في خدمتها للإعلام الهادف البناء.
ومما يعزز أهمية المنتدى أن موضوع تمكين القيادات النسائية في ترؤس المؤسسات الإعلامية، وذلك أن دورهن بارز في المجال الاعلامي؛ حيث اليوم نرى القيادة السعودية الحكيمة أعطت للمرأة حقها في خدمة المجتمع.
وياتي هذا الحدث التاريخي العظيم للإعلام في السعودية مع اقتراب يوم التأسيس الدولة السعودية الأولى 22 من فبراير 1227 على يد المصلح الإمام محمد بن سعود -رحمه الله-
وفي الختام أسأل الله تعالى أن يحفظ المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-.
وأن يوفق المشاركين في المنتدى، وأن يسدد آراءهم في خدمة الإعلام الذي يدعو إلى احترام الإنسانية وثقافات الأمم والشعوب.
– إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا