توقعك واقعك

في يوم ما كنا نتبادل أطراف الحديث أنا وصديقي عن موضوع، وعلى طاري الموضوع حكى لي قصتين، للاستدلال بهما.

سوف أسرد القصتين باختصار ثم اضيف عليهما قصة ثالثة وبعد ذلك أقوم بالتعليق على الموضوع برمته.

القصة الأولى:

يروى أن في سالف العصر والأوان، كانت هناك امرأة بدوية، تسكن في البادية، متزوجة، لم ترزق بالأبناء، فدلها الناس على معالج شعبي، وهي في طريقها إليه، قابلت راعي غنم، فاعتقدت أنه المعالج، ولكن الراعي أكد لها بأنه ليس معالجاً، وهي أصرت عليه أن يعالجها، وعندما رآها كذلك، أعطاها ربطة لكي تلفها على بطنها وخصرها، وبعدها سوف تحمل بتوأم، وفعلاً حصل ما قاله لها، ثم بعد ذلك كلما أرادت أن تحمل لفّت نفس الربطة على بطنها وخصرها وهكذا، استمر الحال، وفي كل مرة كانت تحمل بتوأم ، ثم رجعت إلى الراعي لأنها تعبت من الحمل بتوأم في كل مرة، وطلبت منه أن يجعلها تحمل بواحد فقط، فضحك، وقال لها إن الذي رزقك الأبناء هو الله، وسبق أن قلت لك بأني لست معالجاً، ولم تصدقيني، وعندما ألححت علي أعطيتك هذه الربطة ووضعت لك فيها، في عقدة مربوطة، حبتين من بعر الغنم -أكرمكم الله- لأتخلص من الحاحك .

أما القصة الثانية:

فهي أيضاً قصة وقعت في زمن قديم، يرويها حاج مصري بأنه في إحدى السنوات عندما قدم إلى مكة للحج، قابل في طريقه إمرأة بدوية، ولأنه حاج توسمت فيه المرأة خيراً كونه مسافر وحاج ومستجاب الدعاء، فطلبت منه وصفة علاجية لكي تحمل، ومع إصرارها كتب لها في ورقة عبارة قائلاً لها، بلهجته الجميلة “بليها وأشربي ميتها” وسوف تحملين، وبعد عدة سنوات عاد إلى الحج مرة أخرى وقابلها، ووجد عندها مجموعة من الأبناء، فشكرته على العلاج (الورقة)، فضحك وقال لها الذي رزقك هو الله، وأنه لكي يتخلص من إصرارها كتب لها في الورقة ” تحملي ما تحمليش وأنا مالي” -بخفة الدم المصرية- وهي بلّت الورقة وشربتها دون أن تعلم بالمكتوب فيها .

والقصة الأخيرة:

حصلت مع ابني فقد كان في أحد الأيام يشعر بمغص في البطن، وعندما طلب من والدته أن تعطيه علاج المغص، أرشدته عن مكانه وفعلاً استخدمه وذهب المغص، ولكن اتضح بعد ذلك أنه بالخطأ استخدم حبة دواء فيتامين وليس حبة المغص .

القصتين الأولى والثانية من قصص البدو الواقعية المروية والمنشورة في إحدى القنوات الفضائية، ويمكن التعليق إجمالاً على القصص الثلاث السابقة تعليقاً واحداً يشملها، لتشابه الفكرة فيما بينهم.

فما جاء في القصص الثلاث يؤكده الطب وعلماء النفس بأن التفكير يؤثر على الجانب العضوي من خلال إرسال إشارات للعضو فإن كان التفكير إيجابي سوف ينعكس إيجابياً على العضو ويتفاعل مع التفكير وإن كان التفكير سلبي سوف ينعكس سلبياً على العضو ويتفاعل معه، فيتضح لنا في القصص الثلاثة كيف أن الجسم تفاعل مع التفكير، فالمرأتين حملتا وولدتا، وزال المغص من الإبن، رغم أن العلاج كان بالإيهام.

ويؤكد أيضاً الحديث القدسي أن الأفكار تنعكس على الشخص قال اللهُ تعالى : أنا عند ظنِّ عبدِي بي إنْ ظنَّ خيرًا فلهُ ، وإنْ ظنَّ شرًّا فلهُ.
إن إحسان الظن بالله أو عدمه يعني أن ما تفكر فيه سوف يحصل فإن تفألت بالخير أو الشر تجده .

وهذا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ علَى رَجُلٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ: لا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ: كَلَّا، بَلْ حُمَّى تَفُورُ، علَى شيخٍ كَبِيرٍ، كَيْما تُزِيرَهُ القُبُورَ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَنَعَمْ إذًا. وكأنه صلى الله عليه وسلم يؤكد للرجل بأن ما يفكر فيه سيحصل له بقوله له ” فنعم إذاً ” .

وحتى الكوابيس، تتشابه مع التفكير، فهي أيضاً يمكن أن تؤثر على أجسادنا، يقول خبير النوم الدكتور مايكل بريوس إن الكوابيس يمكن أن تزيد من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها أيضاً تحفيز التعرق وتسريع التنفس.

مستشار أسري واجتماعي