نهضة ريادية قائدة يحققها الإعلام السعودي، في الوقت الذي تواجه فيه المهنة عالميًا عددًا من التحديّات أبرزها صناعة الإعلام الجديد والعوالم الافتراضية التي خلقها الذكاء الاصطناعي، فضلا عن التماهي مع ثقافات الأجيال الجديدة، غير أن المتأمل للمشهد يرى آليات تطبيق رؤية المملكة 2030 بما يساهم في تعزيز الدور الريادي للإعلام.
وقد طالعت محتوى فعاليات المنتدى السعودي للإعلام، الذي تنطلق نسخته الثانية وتستضيفها الرياض بعد ساعات، وأسعدني وجود عناوين مهمة وقضايا فاعلة من المقرر أن تناقش في جلسات ونقاشات وورش عمل في مجالات مختلفة، وفي حضور متخصصين عرب ودوليين.
وروافد الإعلام في المملكة عديدة، نجح بعضها في تجاوز التقاليد القديمة والانحياز إلى الأولويات، وأصبحت بعض وسائل الإعلام تصنع الحدث وتعالجه وتكثف رسائلها وتنوّع مضامينها، في ظل وجود كفاءات وطنية، وقد عرفت من الأصدقاء الصحفيين والأدباء الكثير ممن قدموا نماذج بديعة في مسيرتهم المهنية.
وفي رأيي، أنه من الضروري أن يناقش المنتدى السعودي للإعلام ضرورة تنظيم برامج تدريب مكثفة، وتعميق الأداء المهني وإثراء المحتوى وتقديم كفاءات جديدة، سعيًا لتحقيق
التنمية الشاملة التي تتوافق مع رؤية المملكة 2030، خصوصًا وأن الإعلام لم يعد وسيلة لنشر الأخبار بل نافذة تشكل حياة الشعوب وتقرّب الأزمنة والأمكنة.
وحسنًا فعلت لجنة تنظيم المنتدى، إذ دعت ممثلي وسائل الإعلام العربية والعالمية ليكون الحدث الأضخم من نوعه، في حضور باحثين ومؤثرين وقيادات العمل الإعلامي والمحلي، جنبًا إلى جنب مع كبار مسؤولي حكومات من دول مختلفة، وبرلمانيين بارزين ورؤساء منظمات مهتمة بالثقافة والإعلام.
مهمة ليست سهلة، أن يكون إعلامنا السعودي لديه القدرة على مواكبة مسيرة المملكة ودورها المتعاظم، في المجريات كلها، لينافس ويواجه ويتحدى ويقدّم ويعرّف ويرشد ويكون حائط صد ومرشد، ومعين على فهم ما يحدث على الساحتين الإقليمية والدولية، ضمن رؤية إعلامية واضحة وممنهجة، واستراتيجية عملية.
لقد حان الوقت لتصبح الكفاءة طموح إعلاميينا، وبداية الطريق ما جاء في فعاليات المنتدى، من موضوعات تناقش التحولات الرقمية وتأثيرها على الصناعة الإعلامية، وصحافة الموبايل، والتوجهات الحديثة في المجال، وملامح وتحديات الثورة المقبلة في تطبيقات الذكاء الصناعي، وعناوين أخرى متصلة بواقع الإعلام العربي وتحدياته.
والمدهش أنه لو سألني أحد عن الشعار الذي أقترحه ليكون عنوان المنتدى في نسخته الثانية، فإنني لن أجد أبلغ من “الإعلام في عالم يتشكل”، وأشكر من اختاره، لأن هذه الكلمات الأربع تكشف عن كثير وتتسم بالصدق والموضوعية والجدة والبحث عن الريادة في عصر السرعة وتكنولوجيا الأطباق الطائرة.
فيا صناع الإعلام، الكفاءة ثم الكفاءة، والتخصص للتعبير عن طموحات وتطلعات المملكة، بيد الإعلاميين وحدهم، لمسايرة الاستراتيجية العالمية في الاقتصاد والسياسة والتنمية، ورؤية المملكة 2030 التي تقف شاهدًا على خطة الطريق بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لتحقيق أهداف تلك الرؤية العظيمة.