تحقيقات وتقارير

“الأسايطة بيزرعوا ريحان”… كنز النباتات العطريّة

ارتفاع التكلفة وقلة المتخصصين أبرز العقبات.. ودول العالم تستورده

تقرير – محمد بربر

اشتهر “الريحان” برائحته الذكية ومكانته بين النباتات العطرية والطبية في مصر كما أنه من أفضل المحاصيل الصيفية المتميزة بتحملها لدرجات حرارة مرتفعة، وفي قرى أسيوط يتنافس المزارعون في إنتاجه وسط آمال بتحول هذه الزراعة إلى صناعة يمكن أن تدر مليارات الجنيهات، خصوصًا مع إقبال الكثير من الدول على شراء النباتات الطبية والعطرية من مصر.

يقول محمد ربيع، مهندس بمديرية الزراعة بأسيوط المصرية، إن “الريحان” يتناسب مع ظروف الطقس في المحافظة التي اشتهرت منذ زمن بعيد بزراعته موضحًا أن المزارع يقوم بجمع محصوله حوالي خمس مرات وأن الفدان الواحد ينتج نحو طن في كل دورة زراعية، وهو ما يستحسنه ملاك الأراضي نظرًا لأن المحاصيل التقليدية يتم جمعها مرة واحدة في الموسم.

عمدة النباتات الطبية والعطرية.. “الريحان”

وأوضح ربيع، أنه بحسب الإحصائيات التي رصدتها المديرية عام 2015 فإن مساحة النباتات الطبية والعطرية بالمحافظة بلغت حوالي 10 آلاف فدان وتمثل 16.7 % من إجمالي المساحة المنزرعة بالنباتات الطبية في مصر بينما بلغ جملة الإنتاج الشتوي  نحو 104.996 ألف طن وجملة الإنتاج الصيفي نحو 73.298 ألف طن في الفترة الزمنية المحددة.

وكشف عن مساعي عدد من نواب المحافظة في العام 2005 لتدشين مصنع ضخم من أجل تحويل هذه الزراعة المهمة إلى صناعات يجري تصديرها لفتح مصدر دخل للمئات من الشباب في أسيوط بالتزامن مع تطوير محافظات الصعيد، لكن المشروع توقف بسبب صعوبة التمويل وعزوف رجال الأعمال عن الاستثمار في هذا المجال بسبب ندرة المتخصصين فيه.

وقال بسام علي، عضو لجنة شباب المتطوعين بالمحافظة “عرضنا هذا الملف في وقت سابق على وزارتي الزراعة والصناعة أملاً في إنشاء مصنع والاستفادة من شهرة وجودة الريحان المنتشر في حقول أسيوط وكان اللقاء الأخير الذي جمعنا بمسئولي وزارة الصناعة قبل شهرين وتحدثنا عن زراعة الريحان وكيفية تحويله إلى مواد عطرية يجري تصديرها  خصوصًا وأن مركزي أبنوب والفتح من أكثر الأماكن شهرة في زراعة الريحان على مستوى الجمهورية”.

رفع الوعي لدى المزارعين ضرورة قومية

وأبرز أن هناك تواصل مع مركز تكنولوجيا الزراعات وبعض الهيئات الأجنبية وجامعة أسيوط والصندوق الاجتماعي لبحث إمكانية تدشين ورش صغيرة لتحويل “الريحان” إلى مواد عطرية كمرحلة أولى يمكن أن يستفيد منها الأهالي وجرى تطبيقها في أماكن مختلفة، كما طالب برفع الوعى لدى المزارعين بضرورة الاتجاه إلى زراعة المحاصيل الطبية والعطرية من خلال الندوات الحقلية وكذلك النشرات والمطويات الإرشادية والمساعدة فى إيجاد آليات وحلول للمشاكل التى تواجه المزارعين فيما يخص هذه النباتات.

منافسة شديدة لإنتاج كميات ذات جودة عالية

سيد محمود، مزارع من مركز أبنوب يكشف عن الخطوات اللازمة لزراعة الريحان “نبدأ بإعداد حوض الشتلات ونقوم بتهئته وزراعته بعد مرور شهر من تربية الشتلة وبعد مرور شهر آخر من عملية الشتل يتم جمع القطفة الأولى وبعد ذلك يلجأ المزارع إلى وضعه تحت أشعة الشمس حتى يصل إلى مرحلة الجفاف ثم يجري

تعبئته داخل عدد من الأجولة لبيعه، موضحًا أن هناك تنافس شديد بين المزارعين لإنتاج كميات كبيرة منه.

وبيّن أن سعر الطن يتراوح من 5 آلاف إلى 6 آلاف جنيه بحسب جودته ومدى توافره، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن هناك بعض التجار يقومون بإعادة الفرز ويصدرون القطفة الأولى إلى عدد من الدول على رأسها إيطاليا وفرنسا والنمسا حيث يستخدم في تصنيع الأدوية والعطور ومستحضرات التجميل.

وأضاف محمود “لو أن الحكومة أنشأت مصانع لفصل الفرزة الأولى ذات الإنتاجية العالية والأوراق العريضة والتي نسميها الريحان الفلفل يمكنها أن تصدر بمليارات الجنيهات لأن هذه الزراعة مربحة، لافتًا إلى أن هناك آخر يعرف بالريحان الشطة ويستخدم فى تربية النحل”.

اتفاقية لعمل وحدات اقتصادية كبيرة للاستفادة من الكميات المهدرة

وعن أبرز العقبات التي تواجه المزارعين يوضح “الكثير منهم يفشل في إتمام زراعة الريحان نظرًا لأن دورته تحتاج إلى خبرة لمواجهة الآفات والتغلب عليها إلى جانب أن البعض يعزف عن زراعته نظرًا لارتفاع التكلفة خصوصًا وأنه يجري جمعه خمس مرات كل موسم بعكس المحاصيل الأخرى”.

وبيّن المهندس على عبد الله، بإدارة الإرشاد الزراعي بأسيوط، في تصريح له أن المديرية قامت بتوقيع اتفاقية منذ 5 سنوات مع هيئة التعاون الدولية اليابانية “جايكا”، لعمل وحدات اقتصادية كبيرة للاستفادة من الكميات المهدرة من الريحان، وتم بالفعل إنشاء منشر بقرية عرب القدايح التابعة لمركز أبنوب لتجفيف محصول الريحان، مطالبًا

بسرعة إنشاء مصانع تستفيد من هذا المحصول، وإخراج اكثر من منتج منه، بدلا من بيعه وتصديره خام.

واعتبر أن هذا المجال يعاني من غياب الكوادر الإدارية المتخصصة في مجال النباتات الطبية والعطرية على مستوى الجمهورية، خصوصًا في مجال التسويق وعمليات النقل وذلك بسبب وجود قصور في المعلومات عن التجارة الخارجية للمحاصيل وأبرز الأسواق المستوردة لها، إلى جانب أهمية معرفة مواعيد زيادة الطلب عالميا ومواصفات الجودة القياسية وأذواق المستهلكين المختلفة والمنافسة الكبيرة عالميا على المنتجات النظيفة الخالية من المبيدات والأسمدة الكيماوية.

وتتركز المساحة المزروعة من النباتات الطبية والعطرية فى محافظات المنيا والفيوم وبنى سويف وأسيوط، وتعد النباتات العطرية والطبية فى مصر من المحاصيل التصديرية، فتبلغ حجم الصادرات 90% من إجمالى الناتج السنوي من النباتات الطبية، مثل الريحان، والنعناع، والشمر، والكراوية، والكزبرة، والبابونج إلى الدول الأوروبية والعربية وإيطاليا، وتصدر هذه النباتات إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى باعتبارها من أكبر الأسواق المستوردة للأعشاب الجافة والبذور.

ووفق دراسة تحليلية لتسويق بعض النباتات الطبية والعطرية في مصر قدمها الباحث صفوان أبو عساف بجامعة عين شمس، فإن محصول الريحان يشهد تزايدًا كبيرًا في الطلب محليًا وعالميًا إلى جانب التزايد المعنوي بالنسبة للمساحة المنزرعة بمعدل تزايد بلغ حوالي 6.15%، وتعتبر كل من بني سويف والفيوم وأسيوط من أهم المحافظات المنتجة لهذا المحصول وفقا لمعيار الأهمية النسبية للمساحة المنزرعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى