قال صاحبي: وأنتم تحتفلون للمرة الثانية بيوم التأسيس، اسمح لي بسؤال واحد عطفًا على احتفال الشعب السعودي، وبهجته بهذا اليوم، بما يحتفل الحفاة العراة؟
لكل أمة من الأمم يوم أو أكثر تحتفي فيه بتاريخها، ونحن بحمد الله لنا يومان نفخر ونفاخر بهما، ونتذكر فيهما الرجال الأبطال الذين ضحوا بنفوسهم الطاهرة، ودمائهم الزكية، من أجل أن ينعم الأبناء والأحفاد بنعم نعد منها ولا نعدها، من الأمن والاستقرار، والوحدة، ورغد العيش، وغيرها كثير.
لن أطنب بالحديث عن يوم التأسيس، وإن كان يستحق التغني به، ففي هذا اليوم (30 جمادى الثانية 1139هـ الموافق 22 فبراير 1727م) ولد هذا الكيان العظيم، الذي أصبحت فيه الآذان تتشنف لسماع قصة الكفاح، وتشرأب الأعناق نحوه بين عابد وزائر وطالب للعمل، وخاطب للود، وراجيًا للنصر؛ امتد خيره للجميع، دون تفرقة. قابل القلة من الموتورين هذا الإحسان بالجحود والنكران، وإطلاق النعوت – البدو- الحفاة العراة- على سبيل الاستنقاص، وقد كفانا المتنبي مؤنة الرد عليهم.
في يوم التأسيس: يحق لنا أن نفتخر ونفاخر بما حققه البدو الحفاة العراة من منجزات متعددة، محليًا، وإقليميًا، ودوليًا، وأصبح أبناء الخيام الحفاة العراة؛ يكسون ويطعمون ويقدمون المساعدات الإنسانية، لما يقرب من تسعين دولة، بل إن بوصلة عملهم الإنساني لا تستقر في مكان، فهي تعمل في كل الاتجاهات. وأنا أكتب هذا المقال كانت يد الخير السعودي تواسي وتمد يد العون للمصابين في زلزال تركيا وسوريا، والأخرى يعمل بها فريق طبي سعودي له القِدح المُعلى في تخصصه يعلن نجاح فصل السيامي اليمني، الذي برع فيه أبناء الخيام، وتفوقوا فيه على سواهم.
في يوم التأسيس: يفخر أبناء الصحراء باستقرارهم السياسي والاجتماعي، فبحمد الله لم تتأثر السعودية بالتقلبات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، التي ضربت الكثير من المحيط العربي بمقتل، كما أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم أنموذج سعودي فريد، وقصة تروى باعتزاز، وأما السياسة السعودية الخارجية فتحظى بتقدير عالمي لثباتها، والتزامها بقيمها، وباحترام الآخرين وعدم التدخل في شؤونهم، وبمحاربتها للإرهاب والأفكار المتطرفة، بالأفعال قبل الأقوال.
في يوم التأسيس: يفخر الحفاة العُراة بزيارة الفضاء، وأصبحت لهم الريادة دون غيرهم، ممن يزايد عليهم بأسبقيته بمعرفة القراءة والكتابة، وأضحى أبناء الخيام الدولة العربية الأولى والوحيدة في قائمة العشرين الكبار صناع السياسة الاقتصادية في العام، ولم تكتفِ هذه الدولة العظيمة بهذا، بل قدمت مشاريع وبرامج عمل من أجل الاقتصاديات الأقل نموًا، ومن أجل إسقاط خدمات الدين، أو تأجيله عن الدول المدينة، والتي تُشكل أغلب الدول العربية قوائمها.
في يوم التأسيس: يفخر أبناء البادية بدولة تُشكل حجر الزاوية في السياسة الدولية، المعتدلة، والمناصرة للحق والمدافعة عن قضايا الإنسان، وتجرد من الهوى لترى بمنظار الحق والعدل أنها في كل مناسبة ومحفل سياسي تجدد تأكيدها على موقفها الثابت في دعم أمن واستقرار المنطقة، والدعوة إلى اللجوء إلى سلاح الحوار وننبذ حوار السلاح، والتأكيد المستمر على إيمانها بمبدأ الحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية، انطلاقًا من مرتكزات سياسية ثابتة لا تتوانى عن خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
في يوم التأسيس: يفخر الحفاة العراة بأن وطنهم هو ضابط أسعار الطاقة في العالم من خلال انتهاج سياسة نفطية معتدلة، قائمة على مراعاة مصلحة المنتجين والمستهلكين، بما يعود على الاقتصاد العالمي بالفائدة، خصوصًا بعد جائحة كورونا والارتدادات السلبية على النمو الاقتصادي، وغني عن القول: إن هذه النهج السعودي ساهم بشكل مباشر وغير مباشر في الأمن والسلم والاستقرار في كثير من الدول مما جعلها تحظى باحترام جميع دول العالم، ليس لأنها صمام صناعة الطاقة وحسب، بل لأنها أضافت لهذه المكانة بُعدًا آخر تمثل في تحولها لمركز لصناعة التقنية والابتكار، والداعم الأكبر نحو التحول للطاقة المتجددة والنظيفة.
في يوم التأسيس: يحق لكل مواطن أن يفخر بما حققته بلادنا من منجزات، وبما قدمته من مساعدات. فقد غدى طنب خيمتنا، وخف بعيرنا أمنية للكثيرين من الباحثين عن العمل، والعون بشتى أنواعه، وحقًا علينا أن نحمد الله ونشكره ونطلب منه المزيد أن أكرمنا وأعزنا، وجعل تحت خيام البدو وخفاف إبلهم، وبين أيديهم حياة البشر.
قلت لصاحبي:
“الله اللي عزنا ما لاحد منه.. روحنا كتاب الله وقلبنا السنة”.