المقالات

يوم التأسيس 1727

يوافق يوم 22 فبراير من كل عام يوم تأسيس المملكة العربية السعودية قبل ثلاثة قرون عندما قيض الله سبحانه وتعالى لهذه البلاد قائدًا فذًا وهو الإمام محمد بن سعود – رحمه الله – والذي استطاع بفضل حكمته وشجاعته وهمته العالية تأسيس الدولة السعودية، والتي انتشرت فيما بعد رغم الصعوبات وقسوة الحياة وتكالب الظروف ثم كانت نواة لشجرة كبيرة أثمرت وغطى ظلالها معظم مساحة الجزيرة العربية؛ حيث كان للملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – الدور الأكبر فيما بعد لتوحيد شتات شعوب وقبائل الوطن حتى أصبحت بفضل الله تعالى تنعم بوحدة يعمها الأمن والأمان والأخوة والتكاتف بعد الحروب والسلب والنهب ثم توالى القادة من أبنائه حتى وصل الأمر إلى قائدنا ومليكنا سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وولي عهده الشاب الطموح محمد بن سلمان -وفقه الله- الذي جعل للمملكة اسمًا بارزًا وعلامة فارقة على مستوى العالم يكتب عنها الكتاب، ويتداول أخبارها الإعلام ويتغنى بها الشعراء.
قال ابن خُرمان:
اطلعت على قصيدة فصحى بعنوان (السعودية العُظمى) لفتت انتباهي حيث إن شاعرها من شعراء الشقر الجنوبي بلغ شأنًا كبيرًا في هذا المجال مما يجعلني أطلق عليه (متنبي الشعر الجنوبي)؛ حيث لا يخلو مجلس فيه حديث عن الشعر الشعبي دون الاستشهاد بشعره، وله العديد من القصائد الوطنية على لون (الشقر) وهو الشاعر الدكتور عبد الواحد بن سعود الزهراني، وقصيدته الوطنية هذه بلغت (21) بيتًا بدأها بكلمة (قرن) ثم أضاف (قرنان) من الزمن، وهو تعداد سنوات عمر هذه الدولة المباركة، ولعل القرن المقصود هو قرن الاستقرار والرخاء منذ توحيد الملك عبد العزيز لهذا الكيان والقرنان الآخران هما زمن المعاناة والحروب، ومع هذا وخلال القرون الثلاثة كان الوطن كالشمس لا يخبو بريقه وبنور الله يضيء، بل إنه راسخ في أرض هذه البلاد يعيش في شموخ فيقول:

قرنٌ و قرنان مرت أيها البلد ** وأنت شمسٌ بنور الله تتقد
قرنٌ وقرنان مرت والشموخ هنا ** مؤبدٌ راسخٌ في الأرض مطرد

ثم ينتقل بنا الشاعر إلى إيضاح بداية التأسيس التي كانت من الدرعية، تلك البلدة الصغيرة التي كانت منبع الخير والتي نفضت عنها وعن الوطن كل مالا يفيد مستحضرًا قول الله تعالى في سورة الرعد (فأمّا الزّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً) (الرعد: 17)، وكل ما حدث كان بفضل الله ثم بفضل القائد الشجاع العابد، والذي عزمه كعزم الأسد صاحب الهمة العالية، ومعه الأبطال من أبناء الجزيرة أجداد المعاصرين وأحفاد الذين فتحوا البلاد ونشروا الدين بين العباد لا تهمهم الصعاب في طاعة قائدهم الذي لو قال لهم اصعدوا الفضاء لفعلوا؛ وكأن الشاعر يستحضر قول الأنصار -رضي الله عنهم- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر لخُضناه معك، ما تَخلَّف مِنّا رجل واحد، وما نَكره أنْ تَلقى بنا عَدوّنا غدًا، إنّا لَصُبرٌ عند الحرب، صُدقٌ عند اللِّقاء، لعلَّ الله يُريكَ فينا ما تَقرُّ به عَينُك، فَسِر بنا على بركة الله) فهؤلاء هم أحفاد أولئك، فيقول الشاعر:

ونبع درعية الخير التي انبثقت ** ينفض عنها غثاء السيل والزبد
إذ انبرى فارس في نبله ملك ** في دينه ناسك في عزمه أسد
وفي معيته الأبطال إذ بلغوا ** مكانة لم يصلها قبلهم أحد
ينال أقصى الطموح المستحيل بهم ** لو قال هيا اصعدوا للمشتري صعدوا

ثم يضيف الشاعر هنا إلى فضل هذا الإمام عليهم؛ فقد وحدهم الله على يديه بعد أن كانوا شتاتًا لا يهمهم سوى السلب والنهب والتقاتل فيما بينهم لكنهم استجابوا لدعوته للتوحد بقدرة الله تعالى؛ مما جعلهم يفتخرون باسم (آل سعود) الذي اتفق أحفادهم فيما بعد على تسمية الوطن باسم (المملكة العربية السعودية):

كانوا شتاتًا ولكن تحت رايته ** دعاهم الله للتوحيد فاتحدوا
تفاءلت باسمه نجدٌ فأسعدها ** وقومه إذ تسموا باسمه سعدوا

ويؤكد الشاعر على شجاعة وإقدام أولئك المؤسسين فلم تنحنِ لهم هامات، ولم تسبق أياديهم في الكرم يدًا فلا غرابة فهم أبناء وأحفاد من ضرب بهم المثل في الشجاعة والكرم والوفاء، وعلى ظهور خيلهم لا يعرفون الضعف والكلل والملل، وهكذا كانت صفات فرسان العرب، كانوا رغم قلتهم في العدد إلا أنهم يكثرون في عين عدوهم وسمعتهم تسبقهم حتى تدخل هيبتهم القلوب، وقد خلدت سيرهم آثار أفعالهم، وسجلها التاريخ وقول الشعراء والرواة:

فما انحنت هامة للصامدين هنا ** ولا علت فوق أيدي الأكرمين يد
على ظهور الجياد الشم تحسبهم ** مسخرين لهذا منذ أن ولدوا
كانوا سوادًا كثيرًا رغم قلتهم ** والحرب يحسمها الإقدام لا العدد
فالعيش ما تركوا والموت ما أخذوا ** والقول ما لفظوا والفعل ما اعتمدوا
أولئك الصيد بالأجساد إن رحلوا ** فإنهم في سجل المجد قد خلدوا

ثم ينتقل بنا الشاعر إلى العصر الحاضر والقيادة الحديثة مخاطبًا قائد الرؤية وطموح الشباب سمو ولي العهد مؤكدًا على الوفاء والسمع والطاعة؛ لتحقيق الطموح في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان قائد الجميع ووالدهم:

يا سيدي يا ولي العهد دمت لنا ** أنت الإمام ونحن العون والسند
ورؤية الخير يجري نهرها غدقًا ** ينمو على ضفتيها حاضر وغد
طموح والدكم أنت الجدير به ** فأنت ساعده والزند والعضد
سلمان قائدنا سلمان والدنا ** ولن يخون وقار الوالد الولد

ويشير الشاعر إلى ما ناله الوطن في هذا العصر من الهيبة والقوة والمنعة، والذي يمكن ملاحظته عندما تطلق مسمى (السعودية العُظمى) في أي مكان؛ حيث يخشاه العدو ويدخل الرعب في قلبه ويفرح به الصديق والمواطن، أما السعوديون فلهم الفخر والاعتزاز بهذا الوطن العظيم، ويعلمون أنه الروح وباقي الأرض جسد، فيستكمل الشاعر قصيدته بقوله:
قل السعودية العظمى وسوف ترى ** فرائص القوم منها كيف ترتعد
قل السعودية العظمى وحينئذ ** سينتشي بالنشيد البلبل الغرد
والدهر يمضي وهذا أنت يا وطني ** بالعز والفخر والأمجاد تنفرد
تحتاجك الأرض والدنيا بأجمعها ** فأنت كالروح والدنيا هي الجسد

قال ابن خُرمان:
نُهنئ جميع السعوديين قيادةً وشعبًا بهذه المناسبة العظيمة، وندعو الله أن يحفظ وطننا من شر كل ذي شر، وأن يديم التقدم والتوفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى