قبل قرون عدة، وتحديداً في الثاني والعشرين من شهر فبراير لعام 1727م تأسس هذا الكيان، والذي يمثل الدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية، ومع هذا التأسيس انطلقت الجزيرة في عهدها الجديد، فكان الفصل بين الماضي وما فيه من الشتات والفرقة وعدم الاستقرار، والدخول في عهد جديد صنع حياة أخرى، وبناء جديد، لحياة كريمة، وصرح مجيد.
شهد هذا الصرح الذي أسسه الإمام محمد بن سعود شكلاً جديداً في ذلك الزمن، وذلك بالنظر إلى ما يعيشه أبناء الجزيرة العربية في ذلك الوقت من اعتلال في كل شؤون الحياة، وما صاحبه من تشرذم وتفرقة وجهل وحروب ونزاعات، كان سببها الأول تعدد الكيانات وضعف قادتهم وكثرة أطماعهم، وكان لزاماً إيجاد وسيلة للاجتماع، وسبيل للوحدة، وهذا ما عمل عليه الإمام محمد بن سعود حينها، من تأسيس كيان سياسي، يجمع للجزيرة أمرها، ويعيد لها هيبتها، ويحقق مكانتها التي تستحق.
لم تكن رؤيته (رحمه الله) هو جمع الشتات فحسب، بل كان يرمي إلى أن تكون الجزيرة مصدر جذبٍ اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي، وقيمة حضارية بكل ما يحمله المصطلح، وخاصة مع ما تتمتع به من مكان جغرافي فريد، وما تحويه من إرث عظيم، وعراقة متجذرةٍ في عمق التاريخ.
ها نحن بعد تلك القرون يؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله ما بدأه القادة السابقين، ويبني على ما بنوه، فيقول: “جاءت الدولة السعودية لتعيد الاستقرار لهذه المنطقة على نهج الدولة الإسلامية الأولى، وتوحّد أغلب أجزائها في دولة واحدة، تقوم على الكتاب والسنة”
الكثير من هذا نجده في مقولات ملوك المملكة العربية السعودية منذ نشأتها، وها هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله يوكد تلك القيمة، ويؤكد كذلك على عمقنا التاريخي وقيمتنا الحضارية فيقول: ” لدينا عمق تاريخي مهم جداً موغل بالقدم ويتلاقى مع الكثير من الحضارات. الكثير يربط تاريخ جزيرة العرب بتاريخ قصير جداً، والعكس أننا أمة موغلة في القدم”.
يوم التأسيس هو يوم نستعيد فيه التاريخ لنرى كيف استطاع قادتنا وأولئك العظماء من تأسيس هذا الصرح، وكيف استطاعوا كذلك الوقوف في وجه تلك الهجمات، منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، والتي لم تهدأ، ومع ذلك، فقد باءت كل محاولاتهم بالفشل، واستمرت هذه البلاد، وستستمر بإذن الله في صنع الأمجاد ورسم المكانة الحقيقة التي تستحقها في كل شؤون الحياة.