داعية إلى دين الله – عز وجل-، قاوم البدع والضلال، ودعا إلى إخلاص العبادة لله وحده ونبذ كل ما أدخل على دين الله – عز وجل- مما كان ليس فيه. انطلق من مدينة الدرعية، وكان أول من أطلق عليه لقب الإمام في نجد، وكان عهده يتميز بالاستقرار والقوة. لما كانه له من حنكة وبُعد نظر، وصفات الإمام، وعرف بُحسن المعاملة، والوفاء والحزم، والحث على مكارم الأخلاق، ومساعدة المحتاجين ونصرة المظلومين. واستقر للإمام محمد بن سعود الأمر في الدرعية، والذي بدوره انصرف للإصلاح حينها، وقام بتحسين علاقاته بجيرانه. إذ لم يكن ينزع إلى التوسع على حساب جيرانه، وحفظ للدرعية قوتها واستقلالها. وانصرف الإمام بالاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفرادها، وكذلك مناصرة الدعوة الإصلاحية التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب والذي اختار الدرعية لقوتها واستقلالها، ولما كان من قدرة لحاكمها الإمام محمد بن سعود على نصرة الدعوة وحمايتها. ولما رأه كذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الإمام محمد بن سعود من صفات مثل قدرته على القيادة والنفوذ.
ورغم صغر سنه إلا أنه كان لدى الإمام محمد بن سعود حس قيادي ونظرة مستقبلية لإنشاء حضارة تزدهر عبر القرون. فرفع شعار الوحدة، وبدأ بمدينته الدرعية ووحدها وجعلها تحت حكم واحد. بعد أن كان الحكم متفرقًا فيها وذلك في عام 1727 ميلادية. ومع بداية عهده بدأت مرحلة جديدة في شبه الجزيرة العربية؛ حيث وضع لبنة البناء والوحدة التي وحدت معظم أجزائها، وأصبحت الدرعية عاصمة الدولة، وتوالت الإنجازات في عهد هذه الدولة ومنها نشر الاستقرار والاستقلال السياسي وعدم الولاء لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها، والتواصل مع البلدات المجاورة مما جعلهم ينظمون للوحدة والدولة، ومن هنا كانت بداية الدولة السعودية ويوم بدينا يوم التأسيس، ويرتبط يوم التأسيس باليوم الذي تولى فيه الإمام محمد بن سعود وأول حكامها مقاليد الحكم في الدرعية منتصف عام 1139هـ، وكان الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- مؤسس الدولة السعودية الأولى.
ومن أهم إنجازاته في عهده بناء سور الدرعية والذي كان يحميها في ذلك الوقت من أي هجمات خارجية. كما بدأت في عهده حملات التوحيد وتولى قيادتها وتوحيد معظم منطقة نجد، مما جعل إنجازاته في توحيد الدولة ينتشر في أرجاء الجزيرة العربية. وكان -رحمه الله- يهتم بطرق الحجاج وتأمينها والذي بدوره انعكس على حركة التجارة وحتى أصبح وسط الجزيرة العربية من المناطق الآمنة في عهده، ونجح -رحمه الله- في التصدي للعديد من الحملات التي أرادت القضاء على الدولة في بدايتها، وبعد حكم استمر أربعين عامًا توفي الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- عن عمر ناهز التسعة والثمانين عامًا، خدم فيها دينه وأسس فيها الدولة السعودية. ثلاثة قرون كانت أسوار الدرعية شاهدت على أعمق مراحل تاريخنا العميق وبدايتنا التي رسمها وسطرها الإمام محمد بن سعود، تاريخا في القيادة والنفوذ والاستقرار، والتي كانت منعطفًا تاريخيًا لبدايتنا يوم بدينا يوم التأسيس.
ثلاثة قرون تشهد على أول وحدة للدولة، وفي الجزيرة العربية بعد مراحل تاريخية في منطقة الجزيرة العربية وفي قلب الجزيرة العربية، ولكي تحي توحيد الجزيرة العربية من جديد، واستحداث مبدأ المواطنة والولاء للدولة، والتي تجعل من القرآن الكريم وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- منهجًا لها في رسالتها، والتي قامت عليه وتأسست وسياق ونظام ودستور لها؛ ولتصبح حدودها بمساحة ما يقارب ويمثل 70% من شبه الجزيرة العربية. ولقد أنشأ الاستقرار في عهد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- زيادة في حركة التجارة وزيادة في الصناعات المحلية، وأصبح لدينا حراك اقتصادي مختلف تمامًا عما كانت عليه من قبل ذلك، وقبل عهد الامام محمد بن سعود -رحمه الله-، والذي قام بتحويل الدرعية إلى حاضرة مستقرة ووجهة تاريخية وثقافية، والقلب التاريخي والثقافي للمملكة العربية السعودية، واليوم تعرض الدرعية بفخر أكثر من 300 عام من التاريخ، والتي تُشكل معلمًا للطراز السعودي الأصيل.