في زمن استحكمت فيه غربة الإسلام وجهل المسلمين بعقيدتهم، وانتشرت البدع بل والشركيات، وعُبدت القبور وشُيدت القباب، وعكف الجهلة على قبور الأولياء، واتبعوا سبل الذين بنوا على القبور قباب ومساجد، وانتشر بين الناس التخلف وعمَّ الجهل والكهانة، وفُقد الأمن والاستقرار، حيث كثر قطاع الطرق، وكثرة الإغارة على القرى والمدن والبوادي للنهب والسلب لممتلكات الناس وقتلهم.
وفي ظل هذه الأجواء المعتمة القاتمة ظهر الإمامان الجليلان:
الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوهيبى التميمى (إمام الدعوة) -رحمه الله-.
والإمام المؤسس: محمد بن سعود بن محمد بن مقرن من بني حنيفة من قبائل بكر بن وائل -رحمه الله-.
فالشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب قام بدعوته، ليجدد ما اندرس من معالم التوحيد، ويعيد ما دفن من أعمال السلف، ويكون من أعظم مجددي الإسلام.
والإمام الأمير محمد بن سعود قام بأهم أعمال يحتاجها الناس في حينه كأمير في نجد، والتي من أهمها:
* توحيد الدرعية تحت حكمه والإسهام في نشر الاستقرار.
* بناء حي الطرفية بجانب غصيبة.
* الاهتمام بالأمور الداخلية، وتقوية مجتمع الدرعية.
* الحرص على الاستقرار الإقليمي.
* دعوة البلدات للانضمام إلى الدولة السعودية.
* بناء سور الدرعية للتصدي للهجمات الخارجية.
* الاستقلال السياسي وعدم التبعية لأي نفوذ.
* تنظيم موارد الدولة.
* تأمين طرق الحج والتجارة.
* مناصرة الدعوة الإصلاحية التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي اختار الدرعية لقوتها واستقلالها، وقدرة حاكمها على نصرة الدعوة وحمايتها.
وعندما التقى الإمامان الجليلان -رحمهما الله-:
إمام دعوة التوحيد محمد بن عبد الوهاب.
وإمام تأسيس الدولة السعودية محمد بن سعود.
توافق الاثنان على كثير من الأمور، واتفقا على إقامة دولة عربية مسلمة تطبق وتحمي الإسلام، وتعيده إلى أصوله الصافية بعدما دخله الدجل والكهانة.
ولتأكيد الصلة بينهما كتبتا ما يُعرف بوثيقة الدرعية، وتزوج عبد العزيز بن الإمام محمد بن سعود بابنة الإمام محمد بن عبد الوهاب، وبعد وفاة مؤسس الدولة السعودية عام 1179هـ/1765م خلفه ابنه الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود.
ومنذ قيام الدولة السعودية الأولى التي لعبت دورًا كان له آثارٌ بعيدةٌ في التغير الذي أصاب شبه الجزيرة العربية في مختلف ميادين الحياة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا؛ حيث وحّدَت ليس فقط الكيانات النجدية الصغيرة بل امتد نفوذها على معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية، حتى شملت دعوتهما المباركة كلًا من العراق والشام، وقطر والبحرين وغيرها من البلاد العربية الشقيقة المجاورة.
وظلّت تتسع حتى سقطت الدرعية مدينة مؤسس الدولة السعودية الأولى في عام 1818.
وبعد فترة حكم الدولة السعودية الأولى، قامت الدولة السعودية الثانية امتدادًا لها (1824- 1891)م.
ثم الدولة السعودية الثالثة (1902م- إلى وقتنا الحالي)، والتي أسسها الملك عبد العزيز آل سعود في عام 1932م -رحمه الله تعالى- حيث أصبحت تُعرف باسم المملكة العربية السعودية، ونظام الحكم فيها ملكي، ودستورها القرآن والسنة.
حيث وحّد رحمه الله أطرافها إقليميًا وقبائلها وشعوبها جسديًا تحت كلمة التوحيد ورايته الخفاقة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) 🇸🇦.
ونحن اليوم حينما نعيد ونحتفل بذكرى يوم التأسيس لدولتنا المباركة (المملكة العربية السعودية) الذي يُصادف يوم 22 فبراير من عام 1727ميلادي/ 1139 هجري، واستمرت حتى عام 1818.
ما هو إلا لنتذكر ونذكر أبناءنا وأحفادنا والعالم بالامتداد التاريخي لهذه الدولة المباركة، والكفاح والجهد الذي بذله أولئك الرجال الأفذاذ في سبيل توحيد البلاد والعباد.
ماذا كنا؟!!
وكيف أصبحنا؟!!
وما هو الطموح والهدف الذي نسعى لتحقيقه لمستقبل أبنائنا وبلادنا؟
ليعم الخير والنماء والأمن والاستقرار، ويُشرق نور الحضارة بأروع صوره في بلادنا المملكة العربية السعودية، مع بيان أن مصدر قوتنا واتحادنا هو في مدى الامتثال والتمسك بقيمنا ومبادئنا وثوابتنا الإسلامية والعربية المستمدة من دستورنا المبارك (الكتاب والسنة).
عاشت بلادنا المملكة العربية السعودية، وحفظ الله ولاة أمرها وشعبها المبارك.