ليس لدينا يومًا للتحرير أو الاستقلال، ولا يومًا للجلاء ولا عيدًا للثورة، ولا ذكرى تُشعرنا بالألم أو الأسى أو تُشعرنا بجروح الماضي في كل عام تنكأوها أوراق التقويم؛ فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وحين أقر المقام السامي الكريم (يوم 22 فبراير) من كل عام يومًا للتأسيس كان للتذكير بتأسيس السعودية كدولة وكيان لم يشهد له التاريخ العربي الحديث مثيلًا ومساحة شاسعة تضم قبائل عربية كانت تتناحر وتتقاتل من أجل البقاء؛ ليشعل هذا الحدث مشعل الفخر والاعتزاز في النفوس بوطن يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، ويؤكد أهمية التاريخ في تعزيز روح الولاء والانتماء للكيان وحفظًا للهوية الوطنية، وربطًا للحاضر بالماضي، ويدون بمداد من ذهب حقبة من التاريخ لا زلنا ننعم بخيرها ونتفيأ ظلالها.
يأتي التذكير بيوم التأسيس ليرسخ في الأذهان الاعتزاز بعقيدة راسخة نقية من الشرك والبدع والخرافات، وأمن واستقرار ولحمة وتلاحم بين حاكم ومحكوم، وسجلٍ حافلٍ من البطولات والتضحيات سطرها المؤسسون رغم تكالب الأعداء إلا أنه ما أن تخبو جذوة العز حتى ينهض لها بطل يوري فيها الزناد؛ فيسطع نورها ويشع سناها والحمد لله استمرينا.
إن ما ميَّز الحكم السعودي في أطواره الثلاثة قيامه على مبدأ العدل والمساواة وحفظ الحقوق والحكم بشرع الله سبحانه وتعالى، وهو ما رسخ الولاء، الوفاء، الفخر والاعتزاز بهذا الوطن المترامي الأطراف وجعل الجميع ينصهر في بوتقة الوطن الواحد، وهذا ما يفسر الالتفاف حول هذه القيادة في أطوارها الثلاثة.
يوم التأسيس ليس يومًا للاحتفالات والأهازيج فقط، وإن وردت أو تصدرت بل يومًا يربط الحاضر بالماضي ويستشرف المستقبل ويوقد في أذهان الشباب همة الأجداد وعزيمة الآباء لِنستَلهم من ذلك المجد وذلك التاريخ وتلك التضحيات، أنّ حب الوطن بناء، وعطاء، وانتماء لينطلقوا به الى مستقبل مشرق وغدٍ واعد وفق رؤية المملكة 2030 التي أيقظت العملاق، وبثت في شرايينه الطاقة والنماء؛ فانطلق يُسابق الزمن ويزاحم الأمم على المراكز المتقدمة بكل الأصعدة ومنح الشباب مساحات الإبداع وإخراج المهارات واستثمار الطاقات والإمكانات، فحفظ الله الوطن شامخًا وحفظ له قيادته وعقيدته ونعمه.
0