المقالات

جذور البناء والاعتدال

في بداية تكوين الوطن كانت هناك عوامل أرى أنها ساعدت على تكوين هذا الوطن من خلال جذوره الأولى بدايةً من التأسيس لإمارة الدرعية على يد الأمير: محمد بن سعود -رحمه الله- قبل أن يأخذ صفة الإمامة إلا بعد اتفاق الدرعية سنة 1151هجرية بينه وبين الإمام المجدد الشبخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- والذي يدور حول مناصرة الدعوة إلى تجديد الدين الإسلامي بعد أن اندثرت معالمه من الحياة وحل محل ذلك الكثير من البدع والخرافات، يُضاف إلى ذلك الحياة الاجتماعية, والاقتصادية، والسياسية والتي جميعها تتسم بالطرق البدائية في فترات تحيط بشبه الجزيرة العربية قوى مؤثرة قادرة.
ولقد كان هناك إهمال من الدولة العثمانية لأبناء وسكان شبه الجزيرة العربية وكان هذا الإهمال يكمن في ترك أبناء شبه الجزيرة العربية يحكمون أنفسهم من خلال قوانينهم العُرفية، والتي ما زال بعضها حتى يومنا هذا خصوصًا في التقاضي والمشكلات، ويضاف إلى ذلك لم يكن هناك مدارس تهدف إلى التعليم وإن كانت موجودة فهي في الحواضر فقط من شبه الجزيرة ويقوم بتأسيسها أهل الخير، وأما مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ فنلحظ عن تأسيس المدارس أو التعليم إنما كان داخل الحرمين الشريفين ووفق نظام معين، وأما المدارس الأخرى مثل المدرسة الصولتية التي أسست سنة 1233هجرية وأسسها الشيخ محمد -رحمه الله- وهو من الهند أسسها في نطاق حدود الحرم، وكذلك المدارس التي تلتها نلحظ أنها في حدود نطاق الحرم المكي تقربًا إليه بمضاعفة الأجر بينما الأطراف الخارجة عن حدود الحرم لم تحظَ بالتعليم والذي يقرأ تاريخ تلك الفترة التاريخية يقف عند ظاهرة وهي: إن جميع الطلاب لم نجد من ضمنهم من القبائل المجاورة وكذلك المعلمين، وإنما كان من الوافدين والمستقرين في مكة المكرمة أو المدينة المنورة.
ولأهمية التعليم في نهضة الأمم دور بارز وحين يختفي التعليم تظهر المشكلات بكل أنواعها؛ ولهذا ونتيجة الإهمال من قبل الدولة العثمانية ظهرت المشكلات، ومن أبرزها ظهور النعرات الجاهلية بين أبناء شبه الجزيرة العربية، وعودة مظاهر التخلف عن الدين الإسلامي.
هذه جزء من الحقائق التاريخية سبقت أو عاصرت مرحلة التأسيس وحين بدأت الدولة السعودية تظهر كانت تركز على شخصية ابن الجزيرة العربية من خلال التعليم والتعليم القائم على التعليم الديني دون أن يكون في أماكن معينة بل شمل البوادي من خلال إرسال الدعاة والمحتسبين ويكون التعليم القائم على الطرق القديمة في التلقي مثل الكتاتيب.
وأتساءل وأقول: ماذا لو لم يكن هناك توحيد لأبناء المملكة العربية السعودية؟ وماذا لو تركت الإمارت التي نشأت في ذلك الزمن وكثير منها في نطاقات جغرافية تفتقر لمقومات التقدم فيما بعد؟

لقد امتلك قادة السعودية على مر التاريخ بعد النظر للمستقبل وهذا يكمن في توحيد أبناء الوطن، واليوم نحن ننعم بوحدة وطنية كان أسسها الأول يوم التأسيس 1139 هجرية 1727ميلادية.
لقد تكوَّن لدينا نحن أبناء الوطن وعي وإدراك أن الأمن الذي نعيشه والاستقرار لم يأتِ دون جهد، وأن السير خلف الصيحات المعاصرة إنما هو البداية للركود ولقد وعي أبناء هذا الوطن عبر مراحل معينة أن الانجراف خلف التيارات والحركات والحزبيات التي نشأت في بداية المد القومي أو الفكر الإخواني إنما يجرهم إلى الخلف، ويعيدهم تارة أخرى لفترات سابقة غير متناسبة مع عصرهم الحالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى