عندما نستعيد ذكرى يوم التأسيس العظيم لهذه الدولة السعودية المباركة؛ فإننا نستلهم ذلك التاريخ المجيد الذي صنعه الأبطال الميامين لإقامة الدولة السعودية الأولى بقيادة الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- والانطلاقة القوية من عاصمتها الدرعية لبناء الدولة على مرتكزات إسلامية أساسها الكتاب الكريم والسنة النبوية.
وكان من أول اهتماماتها إعادة الأمن وإقامة العدل ونشر العلم وتنوير العقول وتوحيد المناطق المجاورة، وتحقيق الاستقرار ونيل الحرية والتصدي للحملات المعادية، ونجحت بتوفيق الله تعالى لقناعة الناس بها ومباركتهم لها وترحيبهم بمبادئها، وهم أحوج ما يكون إلى من يُبحِر بهم إلى شاطئ الأمان والاستقرار، للنجاة من أمواج الخوف وعواصف الجهل وزلازل الأخطار التي كانت تحيط بهم ليل نهار، والوقوف ضد هجمات الغزاة الأشرار. فقامت الدولة على تلك الركائز الثابتة. ورسمت مسارها التاريخي بين دول العالم ممتدة منذ يوم التأسيس تواصل الإنجاز وتحقق الثبات والاستقرار، ولعل ما عصف بها بعد عقود لم ينهِ أو يغيّر خط سيرها المرسوم، بل شجّع الخلف من القادة الأبطال لإعادة بنائها في أطوارها التالية كما قام به السلف، والمضيّ في درب العزة وبناء المجد تلو المجد خلال القرون الثلاثة، ولا شك أن ما قام به الملك عبد العزيز آل سعود -طيّب الله ثراه- من دور كبير ونادر في بناء الدولة السعودية الثالثة، وتوحيد هذا الكيان العظيم يجعلنا نقف إعزازًا وإجلالًا لهذا القائد العظيم الذي لمّ الشّمل بعد التّفرق وجمع الشّتات بعد التّمزق ليصنع أعظم وحدة في التاريخ المعاصر، وكما يعلم الجميع فإن التاريخ لا يصنعه إلا الزعماء الأبطال القلائل أصحاب الهمة والعزيمة والرؤى الواضحة والإيمان الراسخ، والأفكار الخلّاقة والأهداف الطّموحة. كما فعل ملوك هذه الدولة منذ تأسيسها.
وها نحن نعيش اليوم في هذه البلاد الطاهرة نعيش واقعًا جميلًا وحياة كريمة أمنًا وخيرًا ورفاه واستقرارًا في عهد الملك المسدد سلمان بن عبد العزيز سلمان الحزم والعزم، وسمو ولي عهده الأمين الأمير المحنك محمد بن سلمان الذين صنعا لبلادنا اقتصادًا قويًا، وجعلا لها حضورًا مؤثرًا على الصعيد الدولي، وشكّلا للبلاد نقلات حضارية غير مسبوقة في جميع المجالات في فترة وجيزة من عمر الزمن.
فيوم التأسيس الذي نحتفل به اليوم يظلّ من مفاخر هذه الدولة السعودية الفتية لبُعده التاريخي وعمقه الحضاري وللتضحيات التي قُدمت والملاحم التي سُطرت من قادة عظماء ورجال نبلاء حققوا للبلاد من خلالها الشيء الكثير، ولنا أن نعتز بهذا التاريخ المضيء والماضي التليد والمجد العريق، وأن نفخر بالمسيرة الرائعة من بداية النشأة والبناء والتطوير والتمكين .. التي تكشف عن علو الهمة وقوة العزيمة وصلابة الإرادة لقادتنا الأشاوس؛ لتحقيق النهضة والنماء والازدهار والرخاء، والتهنئة لبلادنا الغالية في ذكرى يوم تأسيسها الجميل.