يُمثل مجال الإعلام ظاهرة كونية هي معجزة العصر عبر التاريخ، فقد كان لكل عصر معجزته، ففي عهد نبي الله موسى -عليه السلام- كانت معجزته السحر؛ فمكنه الله من التغلب على سحرة فرعون، وكان المعجزة في عصر عيسى -عليه السلام- الطب؛ فمكنه الله من شفاء الأكمه والأبرص بقدرة الله، وكانت المعجزة في عهد الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- الفصاحة والبلاغة؛ فمكنه الله من ذلك بالقرآن الكريم وتحداهم به.
ومجال الإعلام مجال مهم للدول النامية والمتقدمة على حدٍ سواء، ونحن كعرب لا نخرج عن ذلك ولنا معه لقاء تاريخي يتمثل في الأدب الجاهلي كمدرسة أولى للإعلام العربي بشقيه الشعر والنثر، وبأسلوبيه المدح والهجاء، ولا يزال تأثيرها قائمًا في ممارسة الإعلام إلى اليوم. كما أن مجال الإعلام يلزم كل المؤسسات الرسمية والتجارية والخيرية، وكذلك لا يستغني عنه الأفراد وغيرهم، ولم يعد الإعلام بكل وسائله تابعًا أو أجيرًا بل أصبح شريكًا للجميع لما لديه من قدرة جبارة في التأصيل والتضليل ومجارات التاريخ بماضيه عبر التوثيق، وحاضره عبر التدقيق، ومستقبله عبر الاستقراء، وهو وسيلة نقل تنقلنا عبر الزمان معنويًا من مكان إلى آخر، وأدت إلى تمازج الثقافات وإذابة الحواجز بينها.
ونظرًا لأهمية الإعلام وحيوته وقدرته الواسعة ودخوله في مختلف المجالات أصبحت هناك عدة مسميات ينسب بها إلى المجال الذي يخدمه، ووجد لدينا؛ الإعلام الإسلامي، الإعلام العربي، الإعلام الدولي، الإعلام الغربي، الإعلام الشرقي، الإعلام التقليدي، الإعلام الجديد، الإعلام الرقمي، إعلام الأزمات، الإعلام الحربي، الإعلام العسكري، الإعلام الرياضي، الإعلام الاجتماعي، الإعلام الصحي، الإعلام البيئي، الإعلام الشعبي، الإعلام الرسمي، الإعلام التجاري، الإعلام الدبلوماسي، الإعلام التربوي إعلام الحرب الباردة، الحرب الإعلامية، الإعلام المضلل، الإعلام الهادف، الإعلام التافه، الإعلام المتسلق، إعلام الرافعة، الإعلام العام، الإعلام المتخصص، القوى الناعمة، والإعلام السياحي، وهذه المسميات تنفصل أو تتداخل أو تتمايز في استخداماتها.
وقد انتقل الإعلام من مجال للهواية إلى الاحتراف، وأصبح صناعة إعلامية تضخ مليارات الدولارات، ولأن الإعلام مجال متجدد باستمرار في تقنياته وكوادره، وبرامجه، وأساليبه، استدعى الأمر متابعة مجريات تطوره عبر المؤتمرات والمنتديات العلمية التي تقام سنويًا في مختلف الدول ومنها الدول العربية، لتدارس وضع الإعلام ومستقبله لدينا ولدى غيرنا، وتوضع له الجوائز لمختلف المجالات الصحفية والمسموعة، والمرئية المسموعة أو فروعه المتنوعة.
ويأتي المنتدى السعودي للإعلام في نسخته الثانية في الرياض خلال يومي 20-21 فبراير 2023 كإضافة جديدة إلى جانب المؤتمرات والمنتديات العربية في دبي ومصر وغيرها؛ ليقدم صورة حديثة لواقع الصناعة الإعلامية الخليجية والعربية والدولية؛ ليعمل على تجسيد مبادرة سعودية للحوار الإعلامي وبشعار “الإعلام في عالم يتشكَّل” لتتداخل مختلف الرؤى حول الإعلام ومبتكراته وبجانبيه الأكاديمي في الجامعات والمهني في المؤسسات الإعلامية للمؤسسات الصحفية والقنوات الفضائية، وبصناعاته المتجددة للمضامين الإعلامية الجادة والمسلية؛ ليدخل الإعلام ضمن تنوع مصادر الدخل القومي للدول ولتحقيق رؤاها، وبمشاركة ألف شخصية من مختلف دول العالم، وبأوراق عمل وبحوث تقدم في مجريات المؤتمر بشكل رئيسي ونشاط موازٍ بحلقات نقاش وورش عمل، وندوات بموضوعات تتعلق بمجالاته وتقنياته وممارساته، وجمهوره ومجتمعاته وتأثيراته وتحولاته في طبيعة عمله قدمها المشاركون في المنتدى لسد الجسور بين الجانب النظري والواقع التطبيقي لأن الإعلام مجال إبداعي يبدأ بالجانب الأكاديمي للجامعات، ثم ينمو ويتطور عبر الممارسة المهنية في المؤسسات الإعلامية؛ وبمحاور كثيرة تشمل “الإعلام الدولي في عالم متغير”، “والإعلاميون بين مهنية الإعلام واشتراطات الواقع”، و”الإعلام والمجتمع: جدلية الدور والوظيفة”، و”الإعلام وسلطة الذكاء الاصطناعي”، و”صناعة الإعلام السعودي”، وغيرها من المحاور الأخرى، “الإعلام والشباب”، و”الإعلام والدبلوماسية”.
وأختتم المنتدى برنامجه بمنح جائزة المنتدى بسبعة فروع و18 فئة تشمل الجوانب المهنية للممارسة المهنية للمؤسسات الإعلامية، وكذلك المجالات الأكاديمية التي تشمل الدراسة الجامعية والعليا لمختلف مجالات الإعلام.
شكرًا للقائمين على هذه التطاهرة الإعلامية الدولية التي أعادت للإعلام توهجه.
-عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى