تعددت الاجتماعات الإسرائيلية الأمنية السرية رفيعة المستوى خلال الأيام القليلة الماضية حول الاستعدادات لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وربما أن البعض لاحظ أن التهديدات الإسرائيلية لإيران ليست بالأمر الجديد، فهذه التهديدات لم تتوقف على مدى العقود الثلاثة الماضية، وتخللها عمليات سرية وغامضة نفذها الموساد، مثل الانفجار الغامض في منشأة نطز النووية في شهر أبريل 2021، في الوقت الذي تصاعدت فيه الهجمات على ناقلات النفط وسفن الشحن والسفن الأخرى بشكل حاد خلال الآونة الأخيرة، ويخشى خبراء في صناعة الشحن والأمن أن يؤدي صراع بحري غير معلن بين إسرائيل وإيران إلى زعزعة استقرار بعض أكثر طرق التجارة البحرية ازدحامًا في العالم. ويُذكر أن إسرائيل وإيران تتبادلان الاتهامات باستهداف سفن تجارية في أعماق البحار، في صفحة جديدة من الحروب بينهما التي تسمى من قبل الخبراء العسكريين “حروب الظل” أو الحروب الخفية، بعد استهداف إسرائيل مواقع نووية داخل البلاد، أو عسكرية في سوريا، وفي الغالب فإن إيران تغض الطرف عن هذه الهجمات.
بيد أن ردود الفعل الإيرانية جاءت في كل الأحوال على استحياء، وهو ما يحول حتى الآن دون حدوث صدام مباشر على نطاق واسع. وهناك عدة تفسيرات للتردد الإسرائيلي في موضوع شن هجمات تستهدف فيها المنشآت النووية الإيرانية، بحيث تتحول الحرب بين الطرفين من شكلها الراهن- حرب الظل- إلى حرب حقيقية، من بينها:
– يرى البعض أن هنالك تحالفًا سريًا “إسرائيلي – إيراني”، وهناك تنافس في ذات الوقت بين الجانبين على مدى نفوذه في المنطقة.
– تحاول إسرائيل أن تقوم قوى خارجية نيابة عنها في الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما اتضح في تصريحات نتنياهو التي صدرت عنه مؤخرًا، بأن إسرائيل “ستتصرف بمفردها إذا لم يتدخل الآخرون”. وواضح أنها تهدف إلى توريط الدول العربية في حرب ضد إيران، تحديدًا المملكة العربية السعودية.
– البرنامج النووي الإيراني يسير بخطى بطيئة، وحتى الآن نجح الإيرانيون في تخصيب اليورانيوم إلى حد نسبة 84%، وصحيح أنها نسبة مرتفعة لكنها ليست كافية لصنع قنبلة نووية، وقد أخطأ نتنياهو في حساباته عندما حاول قبل بضع سنوات من خلال (رسمة) إيهام المجتمع الدولي بأن إسرائيل على وشك إنتاج “القنبلة”، والحقيقة أن إسرائيل، وكما يرى بعض الخبراء العسكريين الإسرائيليين يلزمها عامان آخران على الأقل لإكمال مرحلة التسليح في المشروع: إنتاج القنبلة مع الآلية المعقدة لوضعها كرأس حربي على صاروخ باليستي.
– يعتبر التحالف الإيراني – الروسي عائقًا جديدًا أمام أي هجمات إسرائيلية محتملة على إيران، هذا التحالف الذي تجلى في إمداد موسكو بطائرات مسيرة إيرانية؛ لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا. في مرحلة لاحقة، قد تكافئ روسيا إيران من خلال تزويدها بأنظمة دفاع جوي متطورة، الأمر الذي سيجعل الهجمات الجوية عليها صعبة للغاية.
– اندلاع حرب إيرانية – إسرائيلية ستكون وبالًا على الجانبين، وعلى دول المنطقة.