المقالات

الرقص للمرضى بصحة جازان

ضجت الوسائل الإعلامية بعد واقعة رقص فرقة شعبية أمام المرضى بمركز لغسيل الكلى تابع لمركز طبي خاص، فقرأت في حساب هاشتاق السعودية على تويتر، خبر مفاده أن صحة جازان شكلت لجنة عاجلة للتحقيق في الواقعة، وتوعدت بتطبيق العقوبات والأنظمة بحق تلك المنشأة.

ثم تصفحت ردات فعل، وتعليقات متابعي حساب الهاشتاق، حيث انقسمت الآراء إلى قسمين، قسم مؤيد للواقعة وقسم معارض لها .

وإني بحكم تخصصي الاجتماعي وعملي في إحدى المستشفيات العامة الحكومية والعمل مع مرضى الغسيل الكلوي، الذين يقضون أربعة ساعات أثناء الغسيل، أعتقد أن المعارضين للواقعة من المتابعين لم يدخلوا قسم الكلى بالمستشفى، ولم يشعروا بالاكتئاب الذي يشعر به مرضى غسيل الكلى في وقت الغسيل، بسبب بقائهم مستلقين على ظهورهم لمدة أربعة ساعات، نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيهم.

أما المؤيدون للواقعة فيرون أن هذه الفاعلية تسهم في تغيير نفسيات المرضى وتدخل السرور عليهم، وأن هذه الفقرة الترفيهية هدفها إسعاد المرضى.

ويقول أحد المؤيدين: “أن العرضة وسيلة الترفيه التي يتفاعل معها الكبير والصغير بجازان وينبسطون معها، والشايب يرجع ولد ١٥ سنة وينسى همومه فلماذا التعقيد”؟!

كما أن بعض المعارضين حجتهم أن المريض يحتاج إلى تذكير بالله وإلى الرقية الشرعية لا إلى الترفيه.

ان زيارة المريض واجب ديني وإدخال الفرح عليه، فضلاً عن كونه عمل إنساني، لا يتعارض مع الدين فقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع المريض: أن يسأله عن حاله وعما يشتهيه، وكذلك من منطلق التوجيه النبوية روحوا القلوب ساعة وساعة.

كما أن من السنة النبوية التنفيس للمريض في الأجل ، ويشهد لهذا من حيث المعنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا بأس ، طهور إن شاء الله ) فينبغي أن يهون عليه ما يجد ، ويبشره بحصول الشفاء والعافية إن شاء الله تعالى , فإن ذلك يطيب نفس المريض .

يتضح من قوله صلى الله عليه وسلم للمريض ( لا بأس ) توجيه بعدم معاملة المريض كمريض لتجنب تذكيره بمرضه في كل وقت، فيهتم ويغتم، وتضعف مناعته الجسمية، لذلك نفى عنه صلى الله عليه وسلم البأس وهذا يدل على أن يكون التعامل مع المريض كالشخص الطبيعي، وملاطفته بالدعابة لتطييب نفسيته.

وقد ثبت علمياً أن الضحك علاج نفسي وهو ما يسمى بـ (العلاج بالضحك) والضحك يخفف الضغط النفسي عند الشعور بألم.

كما أن من أدوار قسم الخدمة الاجتماعية الطبية بالمستشفى، تنظيم البرامج الترفيهية العلاجية، والرحلات، وتنسيق زيارات الزوار الأجانب، كالمتطوعيين، وطلاب المدارس، وغيرهم، بهدف اكتساب أجر وثواب عيادة المرضى والدعاء لهم وتوزيع الورود والهدايا عليهم، وذلك مما يدخل البهجة والسرور على المرضى.

وحتى أن المريض عندما يشعر باهتمام الآخرين به كزيارته وملاطفته، وتقديم الهدايا والورود له، يرتاح نفسياً والراحة النفسية تنعكس إيجابياً على صحته، وترفع مناعة جسمه، فيستطيع مقاومة الأمراض، وبالتالي تسهم في علاجه.

وكذلك فإني أرى من وجهة نظر مهنية أن دخول الفرقة الشعبية على المرضى، بعد موافقة إدارة المستشفى، وبعد التنسيق مع الفريق العلاجي، والإستئذان من المرضى يعتبر إجراء رسمي، وبرنامج علاجي، من شأنه الإسهام في علاج المرضى، لأن العلاج الطبي البحت علاج ناقص، أما العلاج التكاملي له جوانب عدة دينية ونفسية واجتماعية وترفيهية، فمثلاً شغل أوقات الفراغ بنشاط أو هواية مفيدة أو عمل، أو ترفيه يضيّق مساحة الاكتئاب والضيق والهم على المريض، والتفكير السلبي في مرضه، لذلك المفترض مكافأة المسؤولين والقائمين على تنظيم برنامج وتنسيق زيارة الفرقة الشعبية لمرضى الغسيل الكلوي وليس معاقبتهم.

مستشار أسري واجتماعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى