استنباط موفق وحكمة مُلهمة لقدوة يقتدي بها قائلها من قوله تعالى: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ)(القصص: 26)، وتضع هذه الآية قاعدة قرآنية في توظيف من يتولى أمرًا، أو مسؤولية فيجب أن تتوفر فيه صفتان (القوة والأمانة) القوة تعني القدرة على إنجاز العمل بطريقة صحيحة، والأمانة تعني نزاهة اليد وعدم الطمع تمامًا فيما ليس من حقه بكل ما تعني الأمانة بالقول والفعل ظاهرًا وباطنًا.
فمن منطلق مقولة ولي العهد – حفظه الله – أن كل من يتم اختياره بداية من المناصب الوزارية العُليا في جميع قطاعات الدولة -وفقها الله- السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وجميع مفاصل الدولة، والتي هي أصلًا لخدمة الوطن والمواطن أن يكونوا من أهل (الشرف والشغف)، وما هذا إلا منطلق من أساس ما بنى عليه ولاة الأمر -حفظهم الله- من قاعدة اقتدوا بها من كتاب الله تعالى (وخير من قام بهذه الأدوار هم الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام بما اصطفاهم به سبحانه وتعالى)؛ فالقاعدة للدولة هي القوة والأمانة والإخلاص والوفاء للوطن والمواطن؛ فبذلك يرعون ويتعاهدون بناء الصفوف الأولى بالدولة.
ثم يتوَّجب على الوزراء والقيادات الذين تم اختيارهم بعناية فائقة من ولاة الأمر المضي قدمًا على نفس النهج، والسياسة، والمبادئ التي رسمها ولاة أمرنا من أجل تحقيق المصلحة التي يجب تقديمها للوطن والمواطن؛ وذلك بمختلف المناصب القيادية لجميع القطاعات من الموظفين وبأن يكون الجميع من العاملين على قدر المسؤولية؛ لخدمة الوطن والمواطن، وبتحمل هذه الثقة الغالية من ولاة الأمر -حفظهم الله- والتي يجب أن تتصف بالولاء والطاعة لكل موظف وفقًا للتدرج الوظيفي الذي قام عليه من تمكين كل مسؤول، والذي في الأساس استأجره ولاة الأمر على شرط القوة والأمانة؛ فعليهم الالتزام بالقسم الذي أقسم عليه لهذا المنصب، وكل من يقع تحت منصبه.
ولكن للأسف لكل قاعدة شواذ فما تم ويتم رصده سابقًا ولاحقًا من جهاز مكافحة الفساد (نزاهة) من مخالفات إدارية ومالية لبعض الخونة من الجهات الحكومية والمناصب المختلفة، والذين لم يرعوا المكانة العظيمة للدين، والمليك، والوطن مما يجعل لبعض أصحاب هذه القاعدة السيئة اختيار يتناسب مع ميولهم وتحقيق رغباتهم غير السوية. فيتم اختيار ممن هم تحت مسؤوليتهم من غير أهل الشرف والشغف الذي قامت عليه الدولة – وفقها الله- وتدعو إليه بموجب الأنظمة والقوانين والتي من يخالفها أو يتستر على من ينال من هيبة الدولة بالجرأة على أنظمتها التي لا تتجزأ من أمنها واستقرارها؛ فكل من يؤدي القسم لولاة الأمر أثناء التعيين وألزم به، وكل ممن هم تحت مظلتهم تم استئجارهم يلزمون به، ويلزم بهم في حسن وسوء الاختيار تجاه مصالح البلاد والعباد.
والأصل في الاستئجار الذي بني على القسم المتواتر بالمناصب القوة التنفيذية والتي تعني: الإنجاز الإداري، وعدم الإفراط أو التفريط، أو الإهمال واستغلال ظروف العمل؛ لتقديم مصالح أو درء مفاسد على حساب الوطن والمواطن، والأمانة والتي تعني نزاهة اليد من المال العام أو الخاص، وكذلك جميع ما يعتريه من الشبهات من الهدايا والمجاملات والعلاقات الاجتماعية والتي هي مظهر من مظاهر الفساد بغير اسمها الحقيقي (الرشوة)؛ فلا ستر ولا تستر على كل مستأجر من الدولة للوطن والمواطن من غير “شرف أو شغف” وبالله التوفيق.