السعي في قضاء حوائج الناس سُنة نبوية مؤكدة عن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، ولا يوفق لذلك إلا المؤمن الذي امتلأ قلبه بالإيمان، ويرجو ما عند الرحمن، فيجتهد المؤمن في خدمة الناس قدر المُستطاع محتسبًا الأجر والثواب دون انقطاع لعل دعوة مكلوم أو محتاج تدخله الجنة.
بعد القرآن الكريم وأحاديث سيد المرسلين، تأثرت في قضاء حوائج الناس بمثل شعبي قديم سمعته من زميل كان يكبرني بسنين يُدعى “معيض جازم العصيمي”، أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يدخله الفردوس الأعلى.
التقيت بالعم معيض وهو خارج من مكتبه للمكتب المجاور سعيًا في خدمة أحد الأصدقاء، وبعد السلام عليه عرضت عليه موضوع الصديق، وكان أبو سعود له تقديره واحترامه عند زملائه، تحدثت معه وكان ينصت لي ويناظرني بعينه من فوق نظارة القراءة التي كانت معه، وبعد أن أنهيت حديثي، ابتسم وقال: يا ولدي فيه مثل شعبي قديم يقول: “البخيل الذي يبخل بجاهه” لك عليَّ إني أكلمه وأسعى معاكم.
أكبرت تصرف العم معيض معي؛ فهو لم يتعذّر بعدم معرفته بالشخص، ولا بعدم الميانة عليه، ولم يفكر أصلًا أن يختلق عذرًا أو تصريفة يصرفنا من خلالها. ومن ذلك اليوم اعتبرت هذا الموقف درسًا لي، وأنا في مقتبل العمر، ولا زلت أعمل به حتى اليوم.
تذكرت هذا الموقف والذي مر عليه ثلاثة عقود، وأنا أقرأ رسالة واتساب لأحد الأصدقاء اليوم بعد صلاة الحمعة يقول فيها:
“الماء عندي في البيت مقطوع، وقدمت شكوى على الرقم الموحد، وجاء الرد ضغوطات في مصادر التغذية، واعترضت على الإجابة، وقالوا قدم شكوى على الوزارة … الخ مالكم بالطويلة.
بعد أسبوعين سألته بشّر كيف الوضع؟ فقال: ما قصر الموظف بيَّض الله وجهك ووجهه، ولكن المشكلة طلعت إن العوامة خربانة صلحتها وصبت المويه، يسعدك ربي عساني ما عدمك”.
وأنا أقول: الله يغفر لك يا سعيد مثل ما صنعت يومي بهذا الموقف الطريف الذي جعلني أتذكر، وأترحم على العم معيض.
ختامًأ
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه …. لا يذهب العُرف بين الله والناس