ما أن يحضر شخص لمجلس أو اجتماع عائلي، ويعرفون أنه مُعلِم للغة الإنجليزية أو متخصص في تدريسها والبحث فيها حتى يبدأون بسؤاله: كيف أجعل أبنائي يتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة؟ كيف يتقـنون اللغة؟ ما هو أفضل معهد لتدريس اللغة الإنجليزية؟ هل لا بد من أن نسافر كل صيف إلى أوروبا وأمريكا ليتقنون اللغة؟ لا أحد من الوالدين يتحدث اللغة الإنجليزية فهل هذا عائق لتعلم أبنائنا؟ أنا وصلت لهذا العمر ولدي رغبة بتعلم اللغة هل أستطيع ذلك؟
تود لو أنك تجيب على كل تساؤلاتهم وتتعامل مع جميع مخاوفهم واهتمامهم لتعلم اللغة الإنجليزية؛ لأن جميع هذه التساؤلات محل تقدير بحكم أهمية اللغة الإنجليزية واشتراطها عند الحصول على قبول جامعي أو وظيفة. لا ننكر أنه مع أنظمة التعليم الحديثة ورؤية المملكة العربية السعودية الجديدة ٢٠٣٠ أصبح أغلب الطلاب يبدأون تعلم اللغة الإنجليزية من سن مبكرة، كان ذلك منذ الصف الرابع الابتدائي ثم تحوَّل للصف الأول الابتدائي في المدرسة، رغبة بإعطاء فرصة أكبر لتعلم اللغة، والانغماس بها من عمر صغير.
ما يحدث أن الأهل والطالب يدخلون عالم اللغة الثانية بتوقعات معينة، ويصدمون عندما لا يتوافق الواقع مع توقعاتهم. فهم يتوقعون أن يتعلم الطالب أو الطالبة اللغة الثانية في وقت قياسي، ومن ثم يبدأ باستخدامها مع نهاية فصل أو عام دراسي. وأيضًا يعتقد البعض أن المطلوب من متعلم اللغة هو الطلاقة التامة، والفهم الكامل، والتدرج السريع في استخدام اللغة، وتوجد رغبة جامحة لدى متعلم اللغة بأن يكون كالمتحدث البريطاني أو الأمريكي. حتى في محتوى ما يتعلم الطالب يقع البعض في خطأ أن الكثير من الكلمات وإتقان قواعد اللغة كافٍ للانطلاق في اللغة واستخدامها. كلها مفاهيم تتشكَّل للمتعلم والمحيط من حوله، وتخيب آمالهم بعد فترة وتتحوَّل الدافعية العالية إلى مستوى عالٍ من الإحباط والانسحاب من عالم اللغة.
في الواقع أن اللغة تحتاج إلى تعرض مستمر لها ونقصد بالتعرض هنا أن تستمع لها، وتقرأ، ومن ثم تكتب بها، وتتحدث. كل هذه المراحل تحتاج إلى دافعية للتعلم ونقصد بالدافعية هو وجود الرغبة القوية للتعلم مع بذل الجهد واستقطاع الوقت لها، وهناك عدة عوامل مترابطة تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على تعلم اللغة منها: المعلم والمنهج والمدرسة، ودعم الأهل واستخدام التقنية والبيئة المحيطة بالطالب جميعها.
لكن لا بد أن نعي أن المدرسة والمعهد والمعلم يفتحون لك الطريق فقط، ويعطونك الأساس، فإن استفدت منهم وأكملت أنت الطريق فستصل إلى مستوى ممتاز من استخدام اللغة. فيحدُث أن نرى بعض الطلاب عند نفس المعلم أو بعض الطلاب من نفس العائلة وعاشوا نفس الظروف لكن يوجد تفاوت كبير بين مستوياتهم في اللغة الإنجليزية. هذا يعتمد على قدراتهم والفروقات بينهم ومدى استفادتهم من الظروف المحيطة بهم.
وأما ماذا يفعل الوالدان لأبنائهم فليس هناك قاعدة عامة لذلك. ما ينطبق وينجح مع طالب قد لا ينجح مع طالب، فيمكنك الاجتهاد في توفير الدعم لأبنائك من مدرسة جيدة، إلى مشاهدة أفلام باللغة الإنجليزية، وقراءة قصص وكتب باللغة الانجليزية أيضًا؛ وعزّز فيهم ممارسة اللغة في بعض الأماكن إن سمحت الفرصة. ولا مانع من التسجيل في معهد للغة إن رغبت واستطاعت العائلة لكن لن يكون أي منها حل سحري سريع. جميع هذه المحاولات ستتكامل مع مرور الوقت للوصول لمستوى اللغة المطلوب، ولا ننسى القول بأن وعي وإدراك ورغبة الطالب نفسه يصنع الفرق في سرعة التقدم والانخراط في بحر اللغة الثانية.
ما قيل أعلاه يلخص ما قد يدور في عقلي لأجيب به شخصًا عنده ما سبق من التساؤلات، ولا يخفى على من تخصص في تدريس ودراسة اللغة أن هناك العديد من النظريات والدراسات التي ناقشت هذا الموضوع، ويحاول العديد من الباحثين التوصل لحلول ونتائج وتفسيرات للكثير من الإشكالات التي تواجه متعلم اللغة. اللغة نافذة لثقافة وعالم آخر يطمح الكثير للوصول لها.
————————-
-محاضر جامعة جدة
– باحثة دكتوراة في اللغويات التطبيقية وتدريس اللغة الإنجليزية