من أقسى أنواع الفقد هو فقدان الأحبة، وأشد الفقد ألماً هو فقدان أحد الوالدين، فبرحيله يشعر الإنسان أنه فقد الأمان والطمأنينة، والحكمة والسند.
حين يرحل الأب الحاني عن الحياة، يترك خلفه فراغاً يصعب تعويضه .. بفقد الأب، يشعر الابن باليتم وإن كان كبيراً .. برحيله وفقده، يكون الإنسان قد سُلِبَ نِعمةً لن يشعر بقيمتها سوى من فقدها.
أبي يا من غرست حب الحياة في فؤادي، ورسخت في قلوبنا وعقولنا عزة النفس؛ فكنت معلمًا للأخلاق وناصحًا ومرشدًا وسندًا .. وجودك يا أبي كان حصناً وملاذاً في أصعب المحن التي تمر بنا أنا وأخوتي الثلاثة في كل أمور الدنيا، بل وكان لك دور كبير في تعليم أحفادك؛ فعلمتهم حب الله سبحانه وتعالى ورسوله محمد -عليه الصلاة والسلام-، فكان أبنائي يلتفون حولك وأنت بمنتهى الحب تحتضنهم وتُعلمهم وتُمازحهم حملتهم، وتحمَّلت منهم الكثير، وكنت تُلاعب صغيرهم وكبيرهم كل أحد فيهم لديه ذكرى جميلة معك، وأرى فيهم اليوم وهم يتغنون ببعض عباراتك، ويتذكرون مواقفهم معك .. رحلت يا أبي ورحلت الابتسامة من منزلنا، وأصبح إفطارنا خاليًا من وجودك وأسلوبك المتميز، ومن ضحكتك التي لا تُنسى أصبح مقعدك فارغًا لا يملأه أحد سواك، فكان لحلول شهر رمضان المبارك طقوس مبدعة نسعد بها جميعًا وينتظرها أبنائى رامة وطلال، وعندما يؤذن لصلاة المغرب نفطر على التمر والماء ثم نصلي، وبعد ذلك نلتف حول مائدة الطعام بكل بهجة وسرور.
كم أشتاق لأيام أبي، أيام كان يأتي علينا شهر رمضان المبارك وأبي الغالي يقدم لي ولأبنائي كل ما يملك من الحنان والحب، والنصائح والخواطر الإيمانية الرائعة. فجزاك الله عنا خير الجزاء وأسكنك الفردوس الأعلى مع الأنبياء والشهداء، وكلنا أمل على لقائك في جنات الفردوس أحبك واشتقت إليك. ولكن أسأل الله أن يجعل مقعدك في جنات الفردوس، ونلقاك وأنت مبيض الوجه على سرر مُتقابلين …
مقال يقطر شوقًا وحنينًا ولوعةً لأعز من سكن القلب واستقر بسويدائه ومن لا يمكن ان يجود الزمن بأمثالهما ومن لا تكون الحياة بعد فراقهما كما كانت وهما الوالدان … جبر الله مصابك ورحم الله والدك يادكتورنا الفاضل واسكنه أعلى درجات الجنة والمسلمين اجمعين …
وتقبل إعجابي بما خطته أناملك المبدعة من صدق احاسيس لامست جروح لا تندمل ومشاعر شوق متوقدة لمن فقدنا من الغالين وما يهون كل ذلك أنهم في كنف رب رحيم .
هاشم محمد هاشم مساوى