كنت قبل أكثر من ٢٠ سنة أسكن في حي بجدة، وكان أقرب مسجد أصلي فيه هو مسجد الفنان محمد عبده ، وقد أنبني بعض معارفي على الصلاة في هذا المسجد الذي ربما تم تشييده من الأموال العائدة من الغناء، فكنت في حيرة من أمري، وعندما تعرفت على إمام المسجد والمؤذن في ذلك الوقت، علمت منهما أن الفنان محمد عبده يملك شركة مقاولات تدر عليه دخلاً مادياً غير الدخل العائد من الغناء، كما أن له أعمالاً خيرية، فاطمأن قلبي واستمررت أصلي في المسجد.
كنت أرى الفنان محمد عبده أبو نوره -حفظه الله- يصلي معنا في المسجد جميع الفروض، ولا يتخلف عن فرض واحد إلا بسبب ظروفه، وهذا ما استغربته حقيقية، كيف أنه يسهر في الحفلات الغنائية ثم أجده في الصف الأول في المسجد في صلاة الفجر، وللمعلومية لم يكن ذلك في الفترة التي توقف فيها أبو نوره عدة سنوات عن الغناء في الإعلام، ولكن بعد عقد من الزمن أي بعد أن عاد محمد عبده لسابق عهده.
في أحد الأيام صلى بنا صلاة الفجر امام غير الإمام الرسمي الخاص بمسجد محمد عبده وبعد الانتهاء من الصلاة التفت إلينا الإمام، فتبين لي أنه الشيخ العلامة محمد الصالح العثيمين، تعجبت كيف أن الشيخ العثيمين يدخل مسجد محمد عبده ويصلي فيه، ثم بعد الانتهاء من الصلاة شاهدت أبو نوره يقوم من مصلاه متجهاً نحو الشيخ العثيمين الذي لا زال ماكثاً في المحراب وعندما شاهد أن محمد عبده قادماً نحوه قام مسرعاً وتقدم خطوات للسلام على بعضهما.
من المشهد السابق تعلمت قمة التواضع والوقار المتبادل بين الفنان محمد عبده وبين الشيخ محمد العثيمين، رغم أني توقعت أنهما لا يعرفان بعضهما على أساس توجه كل واحد منهما ولكن كان العكس.
ولم تكن هذه المرة الوحيدة لزيارة الشيخ محمد العثيمين لمسجد الفنان محمد عبده بل تلتها زيارات متكررة للمسجد، عندما يكون في جده، من أجل الصلاة فيه وإلقاء الدروس الخفيفة والإجابة على الفتاوي.
والذي تابع حلقة الفنان محمد عبده مع المذيع عبدالله المديفر في برنامج الليوان، يشاهد كيف أن أبو نوره كان يثني بحب على حسن التعامل الذي تلقاه من الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ أبو بكر الجزائري والشيخ محمد العثيمين -رحمهم الله- وللأسف في المقابل تجد بعض العامة يستنقصون من الفنان محمد عبده، ونسوا أنه يصلي ويصوم، وله أعمالاً خيرية، وأن رحمة الله سبقت غضبه.
مستشار اجتماعي