عندما نتحدث عن القائد صاحب الفكر الاستراتيجي، فإننا نتحدث عن شخص له قدرة على قراءة الأحداث والمستجدات؛ بالإضافة إلى قدرته على تبني أدوار متعددة ومسؤوليات، تتناسب مع إدارته الاستراتيجية كعملية شاملة ومستمرة وموجهة لصياغة وتنفيذ الاستراتيجيات بفعالية، تجعله كلاعب شطرنج يقف أمام منافسيه ودوره التخطيط بعيد المدى، ورسم الخطوات للعمليات المختلفة في المنظمة.
وعليه تُجسد هذه الأدوار بالتزامه بممارسات تُمكنه من إلهام العاملين من خلال اتصال فعال يضمن معه فهم الجميع للاستراتيجية وما تشمله من توجهات ورؤى، أيضًا لديه القدرة على إدارة المعرفة في المنظمة بإنتاجها ونشرها واستخدامها، وتحويل هذه المعرفة بفكره الاستراتيجي إلى واقع في تعامله مع الفرص والتحديات، وما يتضمن ذلك من تخطيط استراتيجي للاستخدام الأمثل للموارد، وتفعيل ثقافة المنظمة وغيرها للوصول إلى الميزة التنافسية.
وبالإشراف الاستراتيجي تحدث التفاعلات الكيميائية لتحقيق أعلى انسجام وتناغم بين المنظمة وبيئتها، وما ينتج عنها من تغيير جذري في مستوى المنظمة عند إعادة هندرتها ونقلها من وضعها الراهن إلى الوضع المنشود بما يكفل الاستمرار والرقي والنمو للمنظمة على مدى طويل، وإحدى هذه التفاعلات جذب أصحاب القدرات والمواهب من الموظفين وتحفيزهم والمحافظة عليهم.
وإن أبرز ما تهتم به القيادة الاستراتيجية الوصول إلى الأهداف البعيدة من خلال قيادتها للجهد الجماعي وحشد الموارد، لذلك كان لا بد من تشجيع المرؤوسين للمشاركة في تحقيق الأهداف بصنع القرار ليكونوا جزءًا من هذه القرارات، وبالتالي ضمان عدم اعتراضهم أولًا وإحساسهم بالانتماء الوظيفي ثانيًا. مما يصل بهم إلى الرضا الوظيفي وهو الأمر الذي يسعى جميع القادة لتحقيقه، يليها مرحلة إعطائهم الصلاحيات للقيام بالأعمال المختلفة وتحفيزهم لبذل المزيد من الجهد مما ينعكس على أدائهم الوظيفي في المنظمة، والذي لن يتم إلا من خلال نموذج قيادي مثالي له معايير سليمة تحكم (أقوال وأفعال القائد) سواءً من خلال الأخلاق في التعامل مع المرؤوسين والمجتمع، أو القيم التي تحكم سلوك القائد، إي يا سادتي السلوك الأمثل؛ حيث تكون معاملاته ضمن إطار أخلاقي وفق القوانين والأنظمة، فيكون له التأثير والقدرة على استمالة المرؤوسين.
وخلاصة القول: إن القيادة الاستراتيجية هي المظلة الكبرى التي يندرج تحتها أنواع القيادات الأخرى – قيادة المعرفة- قيادة الجودة – القيادة الأخلاقية – قيادة التغيير – قيادة التحول – قيادة المواهب – حيث العمل على إشباع حاجات المرؤوسين الإنسانية، وزيادة دافعيتهم وتنمية قدراتهم الإبداعية وهندسة عمليات إدارة المواهب في المنظمة، وضمان ولائهم بالتعامل الراقي والنموذج القدوة ثم توجيه سلوكهم لمواجهة التحديات والتطورات؛ لتحقيق التغيير المنشود وتثبيت ما نرغب في الثقافة التنظيمية بخاصية المرونة والديمومة للوصول للميزة التنافسية.
-باحثة دكتوراة