الكبر هي الصفة الأساسية لإبليس التي عصى فيها المولى عزوجل وطرد بسببها من الجنة والرحمة ولايخفى على كل عاقل بقية الحوار بين ذي الجلال والإكرام وإبليس عليه مايستحق في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1440 سنة في كتاب محفوظ.
وان من العجب وسوء الأدب جراءة العبد على صفة من صفات الخالق التي لاينازعه أحد فيها إلا صرفه عن طريق الرشد وقصمه. قال سبحانه وتعالى:(سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ). الأعراف، وعن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: قَالَ اللَّه عزَّ وجلَّ: العِزُّ إِزاري، والكِبْرياءُ رِدَائِي، فَمَنْ يُنَازعُني في واحدٍ منهُما فقَدْ عذَّبتُه رواه مسلم.
ثم نجد من يتصف ويتمسك بالكبر والغطرسة والتعالي على عباد الله تعالى والذي قد يكون والعياذ بالله نوعاً من الإتيكيت والبرستيج والمهابة الذي اتسم به بعض الأشخاص وذلك من أجل إبراز مكانته الاجتماعية ويذكر عنه ذلك القول والفعل المخزي …!! وكأنها من مناقب الرجال.
ومنها استحواذ إبليس بأغلاله الإبليسية على القلب والعقل؛ لفراغهما من وجود مخافة الله وقدره وعقوبة لمظالم للعباد المبنية على المشاحة وعدم الاتعاظ والعبرة بعواقب من هم قبل من أمثال: ( فرعون، وقارون، وهامان، وأبوجهل، والوليد بن المغيرة، وأبولهب، وغيرهم عبر الأزمنةوالتاريخ الذي سطر لنا نهاية كل عتل ومتكبر ومتغطرس ومتعالي يصرفه ويحرفه إبليس وأعوانه بالقول والفعل.
وهذه وللأسف الشديد غالبًا تصدر ممن وهبهم وخصهم الله بنعمة كانت منصب وثراء أوجاه و صحة يتعالى فيها على الآخرين وهذا من جحود النعمة وفقدان الشكر والعياذ بالله للمعطي له والسالب لغيره.
ولكن هناك ظاهرة أشد تعقيدًا وخطورة بالتصرف مما سبق وهو وجود أو انتماء بعض هذه الفئة للمجال الخيري الذي الأصل في خيريته العظيمة نفع الناس ولين الجانب وقضاء حوائجهم والذي يبنى على المصداقية ونقاء النفس والأمانة والإخلاص وجميع المبادئ والقيم الإسلامية والإنسانية التي رسمتها شريعتنا السمحة والبعيدة عن التناقضات لاستقامة خطوطها؛ لأن فاقد الشيء لايعطيه وبائع المسك من المؤكد ليس كنافخ الكير.
ومن لم يستطع نفع نفسه والسيطرة عليها والخروج من الدائرة الإبليسية التي اعتلى الكبر والغطرسة هامته وقامته وسلوكه بتلك الأغلال التي قيد فيها ليسحب للذلة والهوان والنقص والصغار؛ لفقده التواضع وبساطة النفس والتحدث مع الآخرين من أصحاب العوز والحاجة، أو كذلك من هم تحت إدارته التي قد تدار من فوق كرسي عاجي يتطلع للسماء لايرى من حوله.. مما ينشر الفوضى والمظالم والإفراط والتفريط بحقوق العباد والبلاد؛ وذلك لقناعته بعدم وجود الأحقية لمن هم أقل من نظرته الفوقية والمتعالية حسب الظروف الموجبه للموقف النفسي الذي تفرضه عليه القيود الشيطانية من السلطة والتسلط وايذاء الناس والتي هي متعة السادية سواء كان قيادي، أو مسؤول، أو موظف في المجال الخيري بمقابل أو تطوعي.
فالحقيقة هو لايحسن التصرف لا إداريًا، أوماليًا، ولا يمكن إيجاد حل للقضايا؛ وذلك لانشغاله بنفسيته وكبريائه وتاج الغطرسة الذي يعلو رأسه والذي انشغل به وبنظرات الناس له فلا يستطيع المتعالي والمتغطرس القيام بأداء المهام الخيرية بسوقها المباركة وذلك بسبب مايحمله من بضائع تناقض ذلك السوق جملة وتفصيلا (ونسى موقفه ووعيد المولى عزوجل لكل متكبر جبار).حديث عبد الله بن مسعود عن النبي ﷺ قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة؟ ، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بَطَر الحق وغمْط الناس، رواه مسلم.
فأصحاب هذا الصنف والعياذ بالله خاتمتهم سيئة مالم يتوبوا ويردوا المظالم فعقوبتهم تأتي بغتة والتاريخ شاهد…!! فالكثير منهم يتلذذ بالانتقام والذل والأذى بجميع أنواعه….!! ولايعرف لهم قاعدة تواضع إلا بحالة مصالحهم الخاصة أو التعامل مع منهم اعلى منهم، أو من هم على شاكلتهم ليسلموا من الانتقاد….!
خاتمة:
فالواجب الحذر من تولي أمثالهم للعمل الخيري؛ لان هذا العمل عبادة وتعبد وطاعة لله عزوجل وحفظ لحقوق المعطي والمستفيد والمكانة الخيرية… وليست مأوى تنفيسي؛ لممارسة الفوقية والكبرياء والغطرسة وإشباع الذات والتلذذ الإبليسي على حساب عباد الله وماله سبحانه وتعالى…اللهم أصلح حالنا وأحوالنا وأصرف شياطين الإنس والجن عن طريق البلاد والعباد ( اللهم آمين).