المقالات

المملكة.. وقيادة المنطقة إلى بر الأمان

الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران الذي تم بوساطة صينية بعد رحلة من المباحثات الصعبة، استمرت زهاء سنتين كان بمثابة زلزال سياسي انتهت معه القطيعة التي استمرت بين البلدين منذ عام 2016م، وسيكون مفتاحًا لإنهاء عدد من المشكلات التي تعيشها المنطقة -بمشيئة الله- إذا التزمت إيران بما جاء فيه.

وظهر تأثير الاتفاق جليًا فور إعلانه على جماعة الحوثي في اليمن وحزب الله اللبناني المدعومين من إيران اللذين رحبا بالاتفاق حتى قبل أن يطلعا على تفاصيله، وهما يعلمان أنهما حاضران في صلب المباحثات بين الرياض وطهران؛ نظرًا لما يقومان به من تهديد لأمن وسلامة المنطقة نيابة عن إيران.

ولأن التأثير والدعم المباشر من إيران كان أسّ المشكلات التي تنخر في الجسد العربي كما هو الحال مع مليشيا الحوثيين في اليمن ومليشيا حزب الله في لبنان ومليشيا لواء أبو الفضل العباس، وغيره من المليشات الشيعية في سوريا، فإن المنطقة بدأت تشهد بعد زلزال الاتفاق السياسي السعودي الإيراني زلازل ارتدادية سياسية في لحلحلة مشكلات المنطقة.

ولعلّ أولى هذه الارتدادات السياسية الزيارة التي قام بها إلى صنعاء يوم أمس سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليمن الأستاذ محمد آل جابر، والتقى خلالها بقادة مليشيات الحوثي بحضور وفد من سلطنة عُمان؛ وذلك استمرارًا للجهود التي تبذلها المملكة لإنهاء الأزمة اليمنية، ودعمًا للمبادرة التي قدمتها المملكة في ٢٠٢١م، كما جاء في تدوينة نشرها السفير آل جابر في حسابه على تويتر، مضيفًا أن الزيارة تهدف إلى تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار ودعم عملية تبادل الأسرى، وبحث سبل الحوار بين المكونات اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام في اليمن.

ولفت آل جابر النظر في تدوينته إلى أن المملكة وقفت حكومة وشعبًا منذ عقود مع الأشقاء في اليمن في أحلك الظروف والأزمات السياسية والاقتصادية، مؤكدًا أن الجهود الأخوية لا زالت مستمرة منذ العام ٢٠١١م؛ لتحقيق تطلعات أبناء اليمن الشقيق بعودة الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي.
وكذلك من المتوقع أن يشهد الملف السوري انفراجًا كبيرًا بعد أن أعلن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية في المملكة في تصريح لقناة “الإخبارية” مطلع شهر رمضان المُبارك أن المملكة تجري مباحثات مع سوريا لاستئناف تقديم الخدمات القنصلية بين البلدين.

وسيكون التوصل لاتفاق بين المملكة وسوريا بهذا الشأن مقدمة بمشيئة الله لإيجاد الحلول المناسبة لإنهاء الانقسام الداخلي في سوريا؛ تمهيدًا لعودتها للحضن العربي.

وتفاقمت الأزمة في لبنان الذي مضى عليه ما يقارب ستة أشهر وهو بلا رئيس؛ نظرًا للخلافات بين طوائفه المتعددة بعد أن انتهت فترة ولاية الرئيس ميشال عون فى الحادى والثلاثين من أكتوبر الماضى، ودخول البلد مرحلة الفراغ الرئاسى، وسط غياب أفق للاتفاق على رئيس جديد من قبل مجلس النواب الذى عقد جلسات متعددة لانتخاب رئيس جديد، ولم ينجح في ذلك حتى الآن.

وبعد كل الانقسامات التي تشهدها الساحة اللبنانية فإن اللبنانيين في حاجة ماسة للعمل بنصيحة سمو زير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان التي جاءت في رد على سؤال عن الوضع في لبنان بعد الاتفاق السعودي الإيراني حين قال “لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني لبناني، وليس لتقارب إيراني سعودي”، مشددًا على أنّه “متى اتّخذ تقديم المصلحة اللبنانية، فسوف يزدهر لبنان بالتأكيد، والسعودية سوف تكون معه”.
ومنطقتنا بالفعل في حاجة ماسة لجهود المملكة وقيادتها الحكيمة بصفتها الدولة الرائدة والأكثر قدرة على قيادة المنطقة إلى بر الأمان، وتنقية أجوائها، وحل خلافاتها، والدفع بها إلى تجاوز العقبات التي أدت إلى الأوضاع التي تعيشها بعض دولها وسط أزمات سياسية أو أمنية أو مالية أو ربما بها جميعًا.
حفظ الله المملكة وقادتها وشعبها من كل مكروه.

علي بن هجّاد

كاتب صحفي - مدير التحرير بـ(واس) السابقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى