علمت قبل كتابة هذا المقال أن صديق عمري صالح عبدالله الغامدي، واسم الشهرة صالح حجازي، قد انتقل إلى رحمة الله في يوم الأربعاء ٢١ رمضان ١٤٤٤هـ بعد أن قضى ٤٠ يوماً في العناية المركزة في غيبوبة، إثر تعرضه لحادث دهس بعد خروجه من المسجد في يوم جمعة وكان ذلك اليوم آخر عهده من الدنيا.
مرَّ بي شريط ذكرياتنا الطويل والجميل ومما تذكرت له، هذا الموقف الذي حكاه لي وقد حصل له في مرحلة الشباب، قبل أن يتزوج، حيث قال أنه كان يتجول مع صديقه بسيارته، وفجأة توقف صديقه بجوار منزل لينظر إلى صديقته وهي تنظر إليه من نافذة منزلها، ثم بعد ذلك طلب منه صديقي صالح أن يوصله لمنزل صديقته ليراها هو الآخر وكأنه اشتاق لها عندما رأى ما حصل من صديقه، فتحرك بسيارته نحو منزل صديقة صالح وكان يصف له طريق المنزل أثناء سيرهما إليه، وفجأة أوقفه صالح بجوار عمارة، فاستغرب صديقه من ذلك! لأنه وقف بجوار العمارة التي يسكن بها، وسأله إن كان يعرف أخته؟! فأجابه صالح: بأنه يعرف بنت في هذه العمارة ولا يعرف إن كانت هي أخته أم لا، وقتها انهارت أعصاب صديقه وغضب منه غضباً شديداً وشتمه ولعنه، وكاد أن ينهال عليه ضرباً، وعندما رآه في هذه الحالة الانفعالية اعترف له بأنه لا يعرف أخته ولا أي بنت أخرى غيرها، وأن هذا الموقف كان متعمداً منه ومجرد تمثيلية ليلقنه درساً لا ينساه طوال حياته، وفعلاً كان ذلك الموقف درساً لصديقه مدى الحياة وتعلم منه قول أبي الدرداء “كما تُدين تُدان”وقطع علاقته بتلك الفتاة.
بعد موت صديقي فتحت الواتس آب (الدردشة) التي بيننا لأسترجع رسائله التي كان يرسلها لي فلاحظت أن ليس فيها ما يغضب الله وكأنه كان يفكر قبل أن يرسل لي أي رسالة وها هو اليوم ينام في قبره ولم يُكتب عليه إثم واحد في صفحة الواتس آب التي بيننا، وكانت جميع رسائله هادفة ونافعة وكأنه كان يدخر تلك الرسائل لما بعد موته ويحتسبها من العلم الذي ينتفع به بعد وفاته، وتذكرت حديث النبي ﷺ: إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: وذكر منها أو علم يُنتفع به.
رحمك الله يا صالح وغفر لك وأسكنك فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ماجستير في الخدمة الاجتماعية