على هامش الذكرى السادسة لبيعة سمو ولي العهد
هناك علاقة وثيقة بين الأمن والتنمية والاستقرار والاقتصاد، فكل هذه العناصر مرتبطة بعضها ببعض، والأمن هو العامل الأهم والأكبر في تلك المعادلة، فلا تنمية بلا أمن، ولا استقرار بلا أمن، والأمن القومي القوي يتطلب اقتصادًا قويًا، فالاقتصاد يُعتبر المؤثر الأكبر في السياسة الداخلية والخارجية لأي دولة، وقد اجتمعت كل تلك العوامل في منح بلاد الحرمين الشريفين خصائصها التي ظلت تعرف بها منذ عهد التكوين كدولة أمن واستقرار ورخاء.
واستطاعت المملكة بجهودها الجبارة التي بذلتها في مكافحة ومحاربة الإرهاب على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية دولة رائدة في هذا المجال، وأصبحت التجربة السعودية بما حققته من نجاح ونتائج باهرة تجربة معيارية، استقطبت اهتمام الدوائر السياسية والأمنية والإعلامية على مستوى العالم، واستحقت الإشادة الدولية.
والحقيقة أن المملكة أولت الأمن أهمية كبرى في سياستها الداخلية والخارجية، لعدة أسباب من أهمها ارتباطه بالحج الذي يُعتبر الرابط العضوي والعقدي المتين الذي يربط المملكة بعالمها الإسلامي، وهو ما يتضح بما تبذله من جهود لتطوير منظومة الحج عامًا بعد عام. هذه المنظومة احتلت أولوية استراتيجية لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان، والتي تعتبر امتدادًا للدور التاريخي للقيادة السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين، لذلك جاءت رؤية المملكة 2030 لتقدم استراتيجية متكاملة لتطوير هذه المنظومة، وإتاحة الفرصة لعدد أكبر من المسلمين في تأدية مناسك الحج والعمرة، وتوفير الأمن والأمان، وتوفير الخدمات وكافة سبل الراحة لهم لهم طيلة فترة وجودهم في الديار المقدسة.
وقد جاء تسلم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – ومنذ البداية – لرئاسة مجلس الشؤون السياسية والأمنية المعني برصد ورسم تفاصيل هذه السياسة، ورفعها إلى خادم الحرمين، لإقرارها، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية المعني بقضايا التنمية، جاء تسلم سموه لهذين المجلسين بمثابة وضع حجر الأساس لتعزيز الأمن القومي السعودي على أرضية صلبة وبالمعايير الحديثة لمفهوم الأمن القومي، وقد جاء هذا الإنجاز في وقته؛ حيث بدأت المملكة تتبوأ مكانتها بين دول العالم كقوة ناشئة تنتمي بسرعة فائقة إلى مجموعة الدول المتقدمة في العالم، وكدولة لها وزنها وثقلها سياسيًا واقتصاديًا على المستويين الإقليمي والدولي.
وجاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز التي تبناها سمو الأمير محمد بن سلمان، وأخرجها إلى حيز التنفيذ، بتشكيل التحالف العربي الإسلامي؛ لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة، وإقامة مركز عمليات مشتركة في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب؛ ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدحر هذه الآفة التي أرعبت العالم، أحد أهم الإنجازات الأمنية في هذا العهد الزاهر.
وتحققت نقلة نوعية في نجاح المملكة في اجتثاث جذور الإرهاب من أرضها الطيبة عندما وضع سمو ولي العهد حدًا للتطرف والفكر المتشدد في بلاده، من خلال محاربة التشدد والتعصب وإشاعة أجواء الوسطية والاعتدال، وتحقيق الانفتاح والتوازن المجتمعي ضمن أطر الشريعة الإسلامية، وهو ما أدى إلى اختفاء ذوي الفكر المتطرف الذين كانوا المتسبب الأكبر في نمو ظاهرة التطرف منذ عقد الثمانينيات، وهي تلك الظاهرة التي اجتاحت العالم بأسره، وعلى الأخص دول المنطقة.