المقالات

السياحة أحد مستهدفات رؤية 2030

تحل الذكرى السادسة لتولي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولاية العهد، وفي هذه السنوات الست تحققت إنجازات جبارة وغير مسبوقة منها أهداف رؤية 2030 التي أطلقها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود – حفظه الله- والتي تهدف إلى جعل المملكة في مصاف الدول العُظمى على كل الأصعدة، وتتضمن الرؤية خلق مجتمع حيوي، وإنشاء اقتصاد مزدهر يهتم بجودة الحياة والاستدامة المالية، وتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية. أحد القطاعات التي حققت في وقت وجيز بعض أهداف الرؤية هو قطاع السياحة هذا القطاع الذي لم يحظَ في السابق بالاهتمام المطلوب، انتعش الآن وقفز قفزات كبيرة، وترتكز صناعة السياحة على ثلاث ركائز مهمة: سهولة المواصلات وتوفرها السكن والمطاعم وبيوت القهوة والشاي، وأيضًا وجود ما يستحق الزيارة والسفر لمشاهدته، وهذه متوفرة في المملكة.
وفرت المملكة تأشيرة السائح بسهولة كما تتوفر في المملكة شبكة جوية دولية ومحلية إلى جانب المواصلات العامة وسيارات الأجرة أو تأجير سيارة للراغبين؛ بالإضافة إلى سكك الحديد، وقريبًا سيتم تشغيل شبكة المترو في العاصمة الرياض. أما حين ننظر إلى السكن؛ فهو متوفر بعدة فئات من فنادق الخمسة نجوم إلى الأقل كذلك الشقق الفندقية والشقق المؤجرة ليوم واحد أو عدة أيام والاستراحات والمنتجعات.
أما المطاعم فحدَّث ولا حرج، وتنتشر جميع أنواع المطاعم في أرجاء المملكة بما في ذلك فروع لمطاعم عالمية؛ حيث أصبحت المملكة وجهة يرغب الكثير من العلامات التجارية أن يكون لها بها موطأ قدم. كما أن بعض المؤسسات التي تستضيف متحدثين أو ضيوفًا من خارج الرياض، شجعت صناعة الأسر المنتجة، والتي توفر الوجبات بناء على الطلب، وهم بذلك وفروا فرص وظيفية تخدم قطاع السياحة والمجتمع.
المملكة دولة مترامية الأطراف بجغرافيات متنوعة حسب المنطقة؛ فنجد الشواطئ الخلابة والسهول الزراعية والجبال الشاهقة والرمال الذهبية، وهذه كلها تعطي تنوعًا سياحيًا لمحبي الطبيعة وتسلق الجبال أو التزلج على الرمال وغيرها من هوايات. أيضًا المملكة هي مهد للعديد من الحضارات والممالك التي درست، ولكن بقيت آثارها شاهدة على حضارات تعاقبت على أرض الجزيرة.
في السابق عرفت المملكة بالسياحة الدينية وأداء مناسك الحج والعمرة؛ حيث يأتي الآلاف سنويًا لأداء مناسكهم، ولكن في الأغلب لم يكن أحد يهتم بزيارة المناطق الأخرى والاطلاع على ثروات المملكة الطبيعية والتاريخية. لكن برامج الرؤية غيَّرت الكثير واهتمت بقطاع السياحة ليس فقط في المدن الرئيسية، ولكن في جميع المدن؛ فنجد القرية التراثية في أشيقر مثلًا، والتي جذبت الكثير من المواطنين لزيارتها. في أثناء تنقلي داخل المملكة، كنت أرى بفخر التنوع الثقافي والذي امتدت له يد الاهتمام مثل جزيرة فرسان وتفردها الجغرافي والطبيعي، والتي حين تدخل منطقة القندل وغابات المانجروف تخال أنك في غابات الأمازون الاستوائية وجبل لقمان والكتابات الإسلامية المنقوشة عليه، وتتحدث عن تاريخه ووادي الديسة ومناظره الخلابة، وتلك الصخور العجيبة وكأنما نحتتها يد الإنسان نرى رجالًا واقفين وأعرابيًا يلف غترته على رأسه، وتقف مبهورًا أمام جمال الطبيعة كما تتميز منطقة الديسة بالمواقع الأثرية التي تحوي ألواحًا وقطعًا حجرية أثرية تم نحتها عبر آلاف السنين وبعض الكتابات تعود للعصور الإسلامية الأولى. وإذا انتقلت إلى تيماء والعمل جار هناك على قدم وساق حسب ما بلغني به المسؤول هناك على ترميم وفتح المكان للجمهور لحضارة قامت هناك قبل نحو 20 ألف سنة.
“العلا” قبلة الأنظار وسيدة المدن تستقبل الآلاف سنويًا من الداخل والخارج بجمالها الطبيعي ويد الإنسان التي امتدت لها، وجعلتها في الصدارة. وقربها من مدائن صالح التي تقف شامخة بواجهات القبور المنقوشة بالخط النبطي يجعل الكثير من المهتمين يتسارعون لزيارتها.
السياحة البحرية ازدهرت مع وجود المملكة على شواطئ الخليج العربي والبحر الأحمر والرحلات البحرية التي لقيت رواجًا من الداخل والخارج. أضف إلى ذلك صناعة الترفيه وهي أحد روافد السياحة ونجاح مواسم الترفيه التي تُقام في عدة مدن سعودية في وقت واحد أكبر دليل على نجاح السياحة الداخلية، وتجتذب المناسبات الوطنية اهتمامًا ليس فقط داخليًا، ولكن أيضًا خارجيًا، ويُقدم ثراءً فنيًا سعوديًا لا محدودًا مثل المسرحية الغنائية “معلقاتنا امتداد أمجاد”، والتي عُرضت بمناسبة يوم التأسيس لقيت صدى كبيرًا، ولا زال الكثيرون يطالبون بإعادة عرضها. حضرت العرض المرئي لملحمة التأسيس في البجيري، وكان هناك إقبال كبير من جميع الأعمار، وشعرت بفخر وأنا أرى ملحمة صمود الدرعية.
كل هذه المقومات وغيرها مما لا يتسع المجال لذكره يجعل المملكة وجهة سياحية بامتياز كما يجعل السياحة رافدًا اقتصاديًا مهمًا يُساهم في خطط المملكة التنموية بجدارة. هذا النمو السياحي الكبير والمثير للاهتمام لم يكن سيتحقق لولا الرؤية الحكيمة والمستقبلية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى