(مكة) حوار- عبدالرحمن الأحمدي
يعتبر رجل الأعمال عبدالله بن راشد الراشد أحد الشخصيات الفاعلة في مجال العمل الخيري، والتي تمتلك خبرات كبيرة في مجال إدارة الأعمال والتي يسعى لتقديمها من أجل تطوير الأعمال الخيرية داخل المجتمع، ولذلك حرصت “مكة” الإليكترونية أن تلتقي معه ضمن لقاءات الشهر الكريم، لمعرفة المزيد عن مسيرته الفاعلة على مدار السنوات الماضية، عبر الحوار التالي:
** لمن يسأل عنكم أين تتواجدون في رحاب هذه الدنيا؟ وكيف تقضون أوقاتكم؟
_أتواجد ولله الحمد والمنة وسط الناس كما يتواجد بداخلي جميع الفئات الاجتماعية المحبة، وأسأل الله عز وجل أن يهبني سمعة طيبة في حياتي وبعد وفاتي، ولي بفضل الله سبحانه مجلس يومي عدا يومي الجمعة والسبت، أقضي وقتي في مصالح ديني ودنياي.
** ما الذي يشغل اهتمامكم في هذا الوقت الحاضر؟
_الذي يشغل اهتمامي دائمًا وجوب الشكر والامتنان والتقدير والبعد عن نكران الجميل والجحود وخاصة بالمقام الأول للوالدين، سواء كانوا أحياء أو أموات، وكذلك لكل صاحب معروف قولي أو فعلي فكل خير وقع من مخلوق هو بتسخير من رب العالمين الذي قال نبيه صلى الله عليه وسلم: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس)، فالشكر نعمة عظيمة تزيد بالعطاء من رب العرش العظيم، والشكر نعمة كبيرة لا ينال شرفها إلا القلة: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُور) جعلني الله وإياكم منهم.
** الحكمة خير من الله يؤتها من يشاء.. كيف تعرفون الحكمة من وجهة نظركم ؟
_الحكمة هبة وعطية ربانية يعطيها من يشاء من عباده ويجري على يده بالحق صلاح الدين والدنيا ونفع البلاد والعباد، وهي عبادة عظيمة تبنى على قواعد ذهبية من القيم والمبادئ الدينية والإنسانية، فالحكمة موقف حق له رجاله وسوقه يرضي ويغضب الناس، المهم الثبات على إرضاء الله عز وجل وهو عظيم الشكر على هذه النعمة.
** ما بين حكمة الشيوخ وهمة الشباب أيهما أقرب برأيكم.. ثمة اتفاق أو فجوة اختلاف؟
_الحكيم إنسان مسدد وموفق ومعان بإذن الله، فالجميل مجالسة الشباب أصحاب الهمة العالية للحكماء الأفاضل ممن هم أكبر سناً؛ لزيادة الخبرة وكسب المهارات من مواقفهم السابقة.
** هل الإنسان في هذا العالم ضل طريق الحكمة؟ وهل بالجملة تنقصه الحكمة؟
_نعم للأسف البعض ضل وأضل الحكمة فسلك طريق الإمعة والتناقض والتذبذب؛ لإرضاء الناس على حساب الحكمة، وثناء الناس الذي هو غاية مراده، والأصل في الحكمة الصحيحة والتي هي عبادة نرضي بها الله عز وجل، ونحفظ حقوق الناس المالية والأدبية، ومن التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن الحكمة أن ندرك أن الأمر مجمله بيد الله سبحانه وتعالى.
** في حياتنا مراحل إنسانية مختلفة.. من الضعف إلى القوة وهكذا.. ماذا تتذكرون من وقائع في ثنايا المراحل؟
_نعم من ضعف إلى قوة إلى ضعف وهكذا هي حياة كل إنسان على هذه البسيطة، أتذكر حال الشباب وستر ما مضى من قول وفعل من ذي الجلال والإكرام، وأحمده وأشكره على ما نحن فيه الآن من سعادة بحسن الظن وبمغفرة ما مضى، وأن يحسن ما بقي بحسن الخاتمة بتيسير وتسهيل طريق الثبات لها بمشيئة الرحمن.
** ما بين الربح والخسارة أو الخسارة والربح كيف تصفون أصعب المشاعر وأجملها؟
_هي القضاء والقدر الذي يتوج بالصبر والتوكل والأمر كله خير، وقد يكون الخير والبركة بما يكره الشخص، فالحمد لله على كل حال يقدره ويدبره المولى عز وجل، فعن أبي سعيد – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء) رواه الترمذي وقال حديث حسن، المهم يكون هذا المنهج الذي يبنى عليه الدين والدنيا.
** الحزن سمة إنسانية ثابتة هل احتجتم له يوماً ما.. وما هي أقسى لحظات الحزن التي مرت بكم؟
_السعادة والحزن جناحان نرفرف بهما في حياتنا وهما متلازمان وخاصة في كبد الدنيا، وأقسى حزن هو حزن الأمة على موت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لي شخصياً وفاة والدي وبعده بفترة قصيرة دخول والدتي بغيبوبة لمدة خمس سنوات وماتت عليها -غفر الله لهما- ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء والأموات وقد كنت ولازلت حتى هذا الوقت بحاجتهما…!!.
** التوفيق والسداد هبة من الله تعالى.. ما هي أكثر المواقف التي مرت بكم توفيقاً وسداداً؟
_هي ريح طيبة تتنقل بالعبد من مكان إلى آخر، محفوفاً بالتوفيق والسلامة والغنيمة، وتلك الريح الطيبة بعد طاعة الله عز وجل وبر الوالدين التي يستطيع بإذن الله تعالى قطف الزهور والثمار من بساتين الدنيا المثمرة.
** بماذا نربط الحياة السعيدة من وجهة نظركم الشخصية؟
_الحياة السعيدة من وجهة نظري وباختصار السلامة من المأثم، والفوز بالمغنم.
** هل نستطيع أن نعتبر السعادة أسلوب حياة؟
_الحياة هي السعادة، ولكن يوم تكون على أساس متين من القيم والمبادئ التي ترضي الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر.
** متى يصل الإنسان إلى محطات النجاح؟
_النجاح مع الفلاح وحقيقة الصادق ظاهره وباطنه واحد، والمكر والخداع مطية العاجز لا تبقي دين ولا دنيا ومن عاش بالحيلة مات بالفقر.
** ومتى تتوقف تطلعاتنا في الحياة؟
_تتوقف تطلعاتنا في الحياة الدنيا لحظة مغادرة الروح الجسد، ونترك خلفنا كل ما سوف نسأل عنه أمام الله عز وجل، أسأل الله لي وللجميع الثبات وحسن الخاتمة.
** في الأغلب ننصف الإنسان بعد رحيله من دنيانا.. متى ينصف هذا الإنسان قبل أن يرحل؟
_الواجب على الإنسان أن ينصف نفسه في حياته ويبرأ ذمته من القول والفعل ولا ينتظر من أحد إنصافه أو تكريمه، وخاصة من أوكل بعمل رسمي أو تطوعي، فخروجه مما أوكل إليه من عمل بوجه كريم وذمة نظيفة، هذا إنصاف عظيم لنفسه وإكرام من الله.
** في الاستشارة.. من يستشير ضيفنا الكريم في مواقفه الحياتية المختلفة؟ ولماذا؟ وما هي أهم استشارة مضت؟
_أستشير كل رجل صادق أمين حكيم ذو علم ومعرفة ولا يجاملني وهم كثر ولله الحمد، ومن عشرات السنين ولا يحبون ذكر أسمائهم، أستشير بجميع مصالح الدين والدنيا والبلاد والعباد وكل له اختصاصه وحكمته بطبيعة الحال.
** متى غض النظر ضيفنا في المواقف المصاحبة له؟ وهل تذكرون بعض هذه المواقف؟
_ممكن في حقي الخاص الأدبي والمالي ما لم يكن بكبر أو غطرسة، ولا أتنازل عن حقوق الغير والأمانات وما أكلف به كان من ولاة الأمر حفظهم الله أو من العباد، ولا أؤمن بمخالفة النقل والعقل والإقصاء.
** هل ندمتم على سكوتكم يوماً؟ ومتى ندمتم على بعض كلامكم؟
_ندمت وأندم يوم أضيع كلمة حق، وأندم على كلامي إذا جانب الصواب والاستقامة.
** في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أحاديثنا تختلف عن واقعنا.. إلى أي مدى ترى صحة هذه الجملة؟
_الثبات ثبات من الله عز وجل في كل وقت ومكان، وكل إناء بما فيه ينضح من خير أو شر، والممثل والمحتال يستطيع القيام بجميع الأدوار المضحكة والمبكية ويصفق له..!!، وبالمناسبة ستكون لي عودة في تويتر بعد شهر رمضان المبارك؛ لأكتب كل مفيد ونافع للمجتمع إن شاء الله تعالى وأسأل الله الإخلاص والقبول.
** في حياتنا اليومية هل افتقدنا حقيقة إلى الإنسان القدوة؟
_القدوة موجودة ورسمت لنا بخطوط عريضة ومستقيمة قال تعالى:(لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)الأحزاب)، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، هنا القدوة، أما البشر نسأل الله لنا العافية والثبات والله المستعان.
** الأبناء في الوقت الحالي هل يحتاجون إلى الرأي والمشورة منا؟ وهل المسافات بعدت بيننا وبينهم ؟
_مر زمان على البعض منا ننظر فيه لخواطر والدينا، ونحن في زمان ننظر فيه لخواطر أبنائنا، وهكذا الفلك يدور بنا، والتوفيق والسداد كله بيد الله سبحانه وما علينا سوى بذل الأسباب.
** الدنيا طويت على غرور.. متى وجدتم هذه العبارة ماثلة أمامكم؟
_نجدها في ساعة كل غفلة ننساق فيها وراء متاعها وزينتها، أو سماع البعض يتردى في مهالكها، وعلى أي حال السعيد من اتعظ بغيره ولم يتعظ به.
** من أنبل الناس في رأيكم؟
_أنبل الناس من وفق لفقه وجوده في الدنيا وأصلح دينه ودنياه، ونادى ربه بالملائكة في السماء أني أحب فلان فأحبوه، وأنزل محبته في الأرض بين العباد، لا بمال ولا جاه ولا منصب.
** المحبطون هم أشد الناس تعاسة.. هل صادفتم هذه الفئة؟ وكيف تعاملتم معهم؟
_للأسف موجودين وفي جميع المجالات، والبعض منهم قد يستشار ويجد من يناسب بيئتهم المضطربة، فبصراحة هم فئة عديمة التوكل على الله؛ وذلك لضعف همتهم وتناقض آرائهم.. فالحقيقة لا يقدمون شيئاً للبلاد أو والعباد، ولا أحب مجالستهم وكذلك هم يبادلوني نفس الشيء.!!.
** هل ندمتم يوماً في النقاش مع أصحاب الوعي والإدراك؟ وهل ندمتم في النقاش مع غيرهم؟ ولماذا؟
_أصحاب الوعي والإدراك رجال مميزون لا ندم ولا ندامة بمناقشتهم، وتصل معهم لنقطة الصواب ولا يبالون، هي بضاعة من تكون لهم أو عليهم.. المهم الحق أحق أن يتبع، نعم، كل عاقل ذو رشد وصواب يندم بالنقاش مع المتناقضين وأصحاب الأهواء والمكر والخداع، والذي إذا جالستهم تجد لديهم وجوه متعددة وأقنعة متبدلة بكل لحظة، ولهم مصرف ومتصرف بيده مفتاح يفتح ويغلق أفكارهم.
** كيف تشخصون العمل الخيري غير الربحي من خلال اهتمامكم الدائم به؟
_ للعمل الخيري قاعدة عظيمة مبنية على الكتاب والسنة، استخلص لهذا الأمر مكارم الأخلاق والذي لا تشوبه شبهات، ولا شهوات، مما جعل الخيرية العظمى فيه نفع الناس وقضاء حوائجهم وصنع المعروف ونفعهم بخدمة الأحياء والأموات والحفاظ على جميع الحقوق والواجبات، فلذلك يتم بناء العمل الخيري على أهله وخاصيته من رجال ونساء من أصحاب المصداقية والأمانة والثقة والقوة، والذين يجاهدون أنفسهم على زيادة الحرص والحفاظ على حقوق الله ثم حقوق العباد أكثر مما يحرصون على حقوقهم الخاصة، فلا إفراط ولا تفريط أو سوء تصرف ومخالفات إدارية ومالية تدفن أخطاءها ..!.
** يعتري بعض إدارة الأعمال الخيرية سوء تصرف على الرغم من توفر عوامل النجاح.. ما تعليقكم؟
_الحقيقة هناك بعض الزوايا المظلمة لبعض هذه الجهات، وذلك بسبب بعض الاختيارات والتي للأسف الشديد قد تكون في مجملها مبنية على المعرفة والثقة المفرطة بالبعض، والتي تتواتر إما بالنقل غير الواقعي الغائب عن صاحب القرار والمتمسك برأيه، أو مفروض عليه بطريقة أو أخرى، فالعمل الخيري ليس لشخصيات تتملق وتتسلق من أجل التألق، ولا يدار العمل الخيري بالانغلاق والإقصاء والتذاكي والتحايل؛ من أجل عدم تمكين الجهات الرقابية المختصة بهم من الاطلاع والتدقيق، والذي يبرر بطرق وأساليب بعيدة كل البعد عن واقع ومسار العمل الخيري، والرؤية المستقبلية الصحيحة والسليمة من كل اعوجاج، فهذه المفاصل العظيمة بحاجة ماسة للرجال الذين لا يلومهم بالله لومة لائم من أجل دينهم ومليكهم ووطنهم، لا بعلاقات ولا محسوبيات ولا بمعالجة الأخطاء بأخطاء للأسف، أو محاسبة البعض والتحقق من سوء تصرفاته والتغاضي عن أخطاء الاخرين وتمكينهم، فالحقيقة “المركز الوطني” للقطاع غير الربحي للحوكمة قام على دراسة عظيمة من ولاة الأمر تتوافق مع رؤية 2030، ولكن للأسف هذا المقام بحاجة لخبرات قيادية تتناسب مع قوة ومكانة العمل الخيري وعن تجربة بعض قيادته بعلم أو بجهل تغرد في بعض الأحيان بعيدة عن سرب الرؤية الرشيدة، والعمل الخيري شمسه مشرقة في الكثير من الجهات التي يقودها رجال ونساء نحسبهم على خير عظيم، والله حسيبهم، فالخير ماضي ببلد الخير وقاداته والوزارة ممثلة بمعالي الوزير وفقه الله نحن نؤمن بنظرته الثاقبة والسديدة وعدم رضاه لكل ما يمس العمل الخيري بجميع صور الفساد وطرقه وأساليبه المالية والإدارية كان من كان.
** هل من كلمة أخيرة لضيفنا الفاضل؟
_كل الشكر والتقدير لصحيفة “مكة” الإلكترونية على مجهوداتها الإعلامية بقيادة رئيس التحرير أ. عبدالله الزهراني، ولكم شخصياً أ. عبدالرحمن الأحمدي، وأسأل الله أن يحفظ ولاة أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، والشعب السعودي النبيل، وبلادنا المباركة، وكل عام وأنتم بخير.