يكتنف الغموض العديد من الملفات العالقة بين الفرقاء (قائد الجيش الحكومي) و(قائد الميليشيات؛ الدعم السريع)، المتفقين سلفًا على ألا يتفقا كونهما من مدرستين مختلفتين، فالأول من نشأة جيش نظامي ذي تقنين عسكري متقن فيما الآخر خريج ميليشيات متمردة ذات أجندات موجهة تأخذ في الحسبان مصالحها الشخصية في مقدمة أولوياتها، ولذا فإنه من الغباء تمكين أولئك أصلًا منذ عهد البشير إلى أن هيأت لهم الفرصة للتسلق للسلطة كشريك غير مأمون العاقبة، ولهذا فإن أي نشأة غير نظامية ينتج عنها تمرد وتفرد وتعنت ينحاز لنوازع شريرة دافعها الانتقام؛ الانتقام دون مراعاة للصغير أو الكبير أو لمصلحة البلد، بل المهم الانتصار للذات المريضة التي نفخت من لا شيء، صعدت للشرفة دون تدرج طبيعي الذي يتمخض عنه دراية وخبرة ومعرفة تمنح إدراكًا مكينًا أو ثقافة واسعة تحول بين المرء ونفسه الأمارة بالسوء.
وهذه القفزات المبتذلة صنعت من الخصم اللدود شيطانًا مريدًا لا هوادة عنده ولا رحمة في أن يقتل العزل أو يروع الآمنين دون رادع من دين أو خلق أو أن يدمر ترسانة جيش يعد من الجيوش العربية المحسوبة في عداد القوة الإقليمية أو القومية ليس إلا ليرضي نهمه وغروره!!
إنها الفوضى المستعرة في جوف أخرق غارق في جهل مطبق لا ينم عن وطنية ألبتة، كما لا يدل على انتماء سوداني لا شكلًا ولا مضمونًا بل محسوبًا كعدو لدود غادر بحشد غجري لا يفكر بسوى الاسترزاق!!
لا شك أن كل عربي أبي يشعر بالحرقة والمرارة جراء هذا الصراع المرير الذي زاد الطين بلة، فالمواطن السوداني لا يستحق كل هذا السحق، وكل هذا التجويع والتنكيل، وكل هذا العنف والصلف الذي لم يعد يحتمله جراء الظروف الصعبة الاقتصادية التي تعصف به من قبل، فإذا هو يزداد سوءًا إلى ما كان يعانيه، فالخوف هنا زاده همًا وغمًا؛ ليجد نفسه وأسرته في محيط خطر يهدد حياته صبح مساء!!
أعان الله ابن النيل الذي عهدناه صابرًا محتسبًا عفيفًا قوي الشكيمة نقي القلب صافي الود!!
قاتل الله المتطفل الذي لا يرعى إلا ولا ذمة في وطن أواه، وشعب احتضنه رحمة ورأفة، ثم ينقلب عليهم غدرًا وجورًا!!
أخيرًا:
متى يكون للجامعة العربية سطوتها وهيبتها في أن تبني تحالفًا يردع كل من يخرج عن إطار القانون؛ ليتم إخضاعه بالقوة الجبرية ليعود لرشده أو لينتهي للأبد!!