تفجَّر الصراع في السودان بين قوتين عسكريتين، وهذا لم يكن مفاجئًا لأن وجود قوتين عسكريتين في أي بلد عبارة عن قنبلة موقوتة ستنفجر بأي وقت؛ فالجيش السوداني الذي يحظى باحترام وتقدير الشعب السوداني جيش نظامي مدرب ومجهز؛ فيما القوة الأخرى التي أطلق عليها الرئيس السابق للسودان عمر البشير قوات التدخل السريع عبارة عن مليشيا ومرتزقة كانت تسمى بقوات “الجنجويد” حين كانت تُقاتل بإقليم دارفور، وكانت سيئة السمعة. وانفجر الصراع حين اختلفت القوتان على مستقبل السودان السياسي، وكيفية توزيع المناصب القيادية والصلاحيات التنفيذية.
السودان الذي كان يطلق عليه سلة الخبز العربي لما حباه الله به من ثروة زراعية وحيوانية وخيرات كثيرة، إلا أنه ومنذ استقلاله عن بريطانيا، وهو ينحدر وأوضاعه تزداد سوءًا؛ إذ تكالبت عليه الظروف السياسية والاقتصادية؛ وكأنه يراد له أن يحترق ثم يتفتت فقد تم فصل جنوبه عنه، وتم العمل على فصل إقليم دارفور ولم تنجح ولله الحمد.
التشابه الحاصل بين مليشيا الدعم السريع في السودان وبين مليشيا الحوثي باليمن يُثير التساؤلات، ويُنبئ بالتوقعات المستقبلية فطريقة نشأتهما وتمددهما وكيفية الدعم والتوجيه الذي يتلقيانه يُشير إلى أن الهدف منها هو نشر الفوضى والتدمير، وخلق حالة من عدم الاستقرار؛ ليسهل تنفيذ الأجندات المعادية.
ولعل هذه الأحداث تفضي إلى سلام واستقرار السودان الذي ينشده شعبه ومحبو السلام في العالم كله فإن المحن تنجب المنح، فقد بادرت المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والإمارات العربية إلى الاتصالات بأطراف النزاع وإجراء المشاورات وطلب جامعة الدول العربية للاجتماع، وهذه الدول الثلاث تملك بالسودان من النفوذ ما يمكنها من حلحلة هذه الأزمة وتطويقها قبل أن تتفاقم وتنزلق السودان إلى حرب أهلية.
إن قدر هذه الأمة أن تُعاني من التشرذم والحروب والفتن؛ فبعد جرح فلسطين الغائر الذي لازال ينزف تستمر الجروح في جسد هذه الأمة واحدًا تلو الآخر حتى انفجر جرح دامٍ آخر بالسودان.
حفظ الله السودان وأهله، وجمعهم على الخير، وسدد خطا المخلصين الذين يسعون لنفعه وأمنه.
0