تواترت التقارير والإحصاءات والأخبار الرسمية في الآونة الأخيرة عن الزياده المضطردة في ترويج وتعاطي المخدرات والمظبوطات في المملكة؛ وبالذات بين الشباب مما أثّر ويؤثر بلا شك على أخلاق واقـتصاد وبنية وتنمية المجتمع ونسيجه العام. ولم يعد هناك مجال للشك في أن نمو المملكة ونهضتها وسمو مكانتها المحلية والإقليمية والدولية يواكبه غيره، وأحيانًا حقد وحسد من البعض في تفرّد المملكة في الاستقرار والأمان والتقدم ما دفع بعض قوة الشر والفساد أن تعبَّر عن حقدها بتصدير وتهريب الكثير من أنواع المخدرات بطرق مختلفة للتغوغل في داخل المجتمع بكافة الطرق، ومن فضل الله وكرمه وحكمة ولاة الأمر والحزم والعزم لدى القيادة في المملكة أن جلست بالمرصاد الأجهزة الأمنية المختصة مثل: سلاح الحدود، والإدارة العامة للمخدرات والجمارك وغيرها؛ لضبط الكثير والكثير من هذه المخدرات ومروجيها ومستقبليها ممن هدفوا إلى التخريب أو الاتجار؛ فحجّمتها إلى حدٍّ كبير، ومع ذلك فقد استجدت طرقًا وأساليب مختلفة عبر وسائل التواصل ومنصاته الحديثة في اختراع وابتكار تصنيع أنواع مختلفة من المخدرات والمؤثرات العقلية محليًا؛ فوجدت هوى وإشباع لمن لديه الاستعداد أو المغسول أدمغتهم من بعض شرائح المجتمع للنفاذ إلى المغرر بهم أو ضعاف النفوس لتعاطيها أو الترويج لها.
وهذه الوسيلة الجديدة لترويج المخدرات وانتشار تعاطيها هي لعمري أشد خطورة على مجتمعنا؛ لأنها لا تتشكل وتظهر للعيان بشكل مباشر وملاحظ كتلك التي يتم تهريبها من الخارج، ومن ثم تصبح لآثارها أشد خطورة؛ وحرصًا من دولتنا وقيادتها -حفظها الله- على خطورة المخدرات وتبعاتها على المجتمع وتنميته وتطوره؛ فقد جنَّدت الإمكانات المادية والبشرية لمكافحة هذه الآفة قبل أن تفتك بالمجتمع وتدمر شبابه. وأجهزة الدولة الرسمية وجهودها في المجال ملاحظة وملموسة، ولكن يظل هناك دور تكاملي هام جدًا في نجاح مشروع المكافحة يأتي من مؤسسات المجتمع المدني المختلفة ومن المربين وأولياء الأمور ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وقادة الفكر والمؤثرين في النهوض بمسؤولياتهم الوطنية والدينية، والأخلاقية الرقابية والوقائية، والمكافحة حتى يمكن سد أي ثغرة لنفاد الترويج والتعاطي والإدمان من خلالها.
ومن الجدير بالذكر أن الجامعات ومراكز البحوث مناط بها تبني الدراسات والمبادرات والمساهمات العلمية للرصد والاستشراف والتوجيه الصحيح للوقاية والمكافحة، وهنا نعطي نموذجًا يستحق الاهتمام بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الرائدة في المجال، والتي وقَّع معالي رئيس الجامعة مؤخرًا تبني مركز إقليمي لمكافحة المخدرات والجريمة بالجامعة مع الأمم المتحدة، والذي سيكون بيت خبرة في المجال على المستوى المحلي والإقليمي بل والعالمي.
ولا بد في هذا المقام والختام من الشكر والتقدير العظيم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الكريم الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- على إيلاء موضوع المخدرات وتأثيرها ومكافحتها، والوقاية منها أولوية قصوى بالتوجيه والدعم لكافة قطاعات الدولة بمزيد من الاهتمام ومضاعفة الجهود؛ حفاظًا على المجتمع وقيمه وبنيته، وتنميته وأمنه وأمانه؛ فشعارهم دائمًا: (الإنسان أولًا)، وياله من شعار..