دقت وزارة الداخلية بقطاعاتها (مكافحة المخدرات والأمن العام وحرس الحدود والأفواج الأمنية) ناقوس حرب أمنية كبيرة؛ وذلك من منطلق مكانة المملكة العربية السعودية المعروفة عالميًا مما يحتم عليها القضاء على أخطر الآفات التي ظهرت في هذا الزمان، ألا وهي آفة المخدرات التي داهمت البشرية وروّعت المجتمعات دون أن تميز بين المتقدم منها أو النامي؛ فهي سلاح فتاك يؤدي إلى هدر مقومات أي مجتمع، ويبدد طاقاته ويقضي على القوى العاملة فيه، ويستهدف شبابه بشكل خاص حيث يدمرهم ويفقدهم قواهم العقلية والجسدية، ويصيب الأمن والاستقرار بالخلل والاضطراب.
فكم من بيوت تدمرت بعد أن كانت في عيش رغيد عندما وقع أحد أفرادها ضحية لهذه الآفة الفتاكة فتحوَّل حالها من ضحك ومرح إلى حزن وبكاء، ومن نعيم إلى جحيم ومن تماسك إلى تشرد وضياع، وكم من أبٍ أنهى حياة فلذة كبده ومهجة فؤاده تحت تأثير جُرعة مخدرة، وكم من زوج قضى على شريكة حياته وأم أولاده فهدم أسرته لتعاطيه هذه السموم المدمرة، وكم من صديق غدر بصديقه وخان عهد الصداقة بينهما بسبب نزوة شيطانية غامضة، وكم من قريب نسي صلة القرابة وتنكر لكل أهله وأحبابه بسبب انحرافه وإدمانه، فقد بتنا نمسي على سماع خبر جريمة قـتل ونصبح على جريمة أخرى مُماثلة لتلك الجريمة الشنيعة، وكل ذلك بسبب هذه الآفة التي انتشرت بشكل واسع بمختلف أنواعها وأشكالها.
ومن هذا المنطلق فإن مسؤوليتنا الوطنية تحتم علينا المساهمة في إنقاذ حياة شبابنا الذين قد تلتهمهم هذه الآفة الفتاكة لا سيما بعد أن كثر الحديث مؤخرًا، عن تزايد انتشار أخطر أنواع هذه الآفة بين أوساط الشباب من مختلف الأعمار أنها مادة “الشبو” المصنعة ذات البلورات الزجاجية والتي تنتمى إلى فئة الأمفيتامينات؛ حيث يتم طحنها وتعاطيها عن طريق الحقن أو التدخين، وباتت أكثر المخدرات فتكًا وانتشارًا؛ حيث تسبب الأمراض النفسية التي قد تصل إلى حد الجنون وتحول المتعاطي لها إلى وحش مفترس غاضب لا يدرك أي معنى للحياة، ولا يفرق بين القريب والبعيد، وقد يصل به الحال إلى القـتل أو لانتحار بسبب تلف في خلايا المخ والنخاع الشوكي.
وختام القول.. فإن الشباب هم طاقة المجتمع الحقيقية، وبناة مستقبل الوطن، وعماد نهضته وتطوره لما تمتلكه هذه الفئة من طاقات هائلة؛ لذلك على الجميع تحمل مسؤولياته الأخلاقية والدينية والوطنية وأن لا نلقي العبء كله على الأجهزة الأمنية فقط؛ لأن محاربة المخدرات تتطلب تضافر جهود كافة مؤسسات الدولة وقطاعاتها؛ وذلك من خلال تنظيم ورش عمل وتنفيذ دورات تدريبية ومحاضرات توعوية عن المخدرات وتأثيراتها السلبية على الصحة والمجتمع، لا سيما في القطاعات التعليمية التي تُعنى بتربية الشباب الذين باتوا أكثر ضحايا هذه الآفة لحداثة سنهم واستغلالهم من قبل خفافيش الظلام. كما أن أهم درع يجب أن يقف في وجه هذا الوباء الفتاك هم أفراد المجتمع كافة؛ وخاصة الآباء والأمهات فهم الأساس الأول في تنشئة الأبناء وإرشادهم إلى الطريق الصحيح حرصًا على مستقبلهم؛ وذلك من خلال متابعتهم والسؤال عن جلسائهم فالذئاب البشرية لا ترحم والخطر بات أكبر من أن نثق ولا نراقب؛ فتلك هي معركتنا مع أهداف وأطماع المروجين لهذه السموم، لكشف الجانب الخفي في عالم التعاطي والإدمان.
وخزة قلم:
المخدرات إدمان تخرب عقول بُناة الأوطان، والضرب بيدٍ من حديد فيه صمام الأمان وحماية للإنسان.