المقالات

السعودية تُنقذ العالم

قال صاحبي: تابعتُ الأحداث المؤسفة في السودان، وما صاحبها من عمليات إنقاذ للرعايا، تفوقت فيها المملكة العربية السعودية على الجميع، لماذا، وكيف تعامل الإعلام السعودي مع هذه الجهود، وهل استمرار وتكثيف التغطية الإعلامية تتعارض مع المهنية، ما الذي يجب عمله إعلاميًا؟
بعيدًا عن أسباب الصراع في السودان؛ والتي سوف أفرد لها مقالًا خاصًا -بإذن الله- وكما يُقال عند الأزمات تتضح المعادن، وتنكشف الأقنعة المزيفة، فالسعودية في أزمة السودان قامت بدور أممي، عندما تراجعت الدول التي تُوصف بالعُظمى، ومعها المنظمات الدولية التي ملأت الفضاء ضجيجًا بمسؤولياتها عن حماية الإنسان، والمدنيين تحديًا في أوقات الصراع، رغم تعاهد الجميع على حمايتها وتوفير الملاذ الآمن لها، وتقديم التسهيلات التي تُساعدها على أداء عملها!؛ إلا أنها هربت من ميدانها، لتتقدم المملكة العربية السعودية بصمتها المعهودة، وتقف ببسالتها على خط النار مباشرة، رافعة راية الإنسان أولًا.
عندما نتابع بوصلة العمل الإنساني السعودي نجدها لا تستقر في مكان واحد، بالأمس كانت تقدم المساعدات للمنكوبين جراء الزلزال في تركيا وسوريا، واليوم حطت رحالها في السودان، لتقدم مساعدتها للجميع ودون استثناء. تحول حرم السفارة السعودية في الخرطوم إلى المكان الآمن بين أتون الصراع في السودان، واستحالت الفرقاطات البحرية السعودية إلى طوق نجاة لإنقاذ العالقين من جميع الجنسيات، التي بلغت قرابة سبعين جنسية، ولذا يحق لنا أن نفخر ونفاخر بأن نهر العطاء السعودي جرى في جميع أنحاء الكرة الأرضية، ولم تنهل منه الدول الفقيرة، أو المنكوبة فحسب، بل حتى دول العالم الأول، امتدت لها يد الخير السعودية.
لماذا نجحت السعودية وأخفق الآخرون؟ سؤال تكرر كثيرًا في وسائل الاتصال وخارجها، رغم وجود سبع دول تحيط بالسودان!. واللافت للنظر أنه من بين الجنسيات التي لجأت للسفارة السعودية لإجلائها وجود مواطنين من جنوب السودان!، الجار الأقرب للسودان، والذي كان حتى الأمس القريب جزءًا منه، إلا أن الوضع المتوتر جدًا، جعلت الاتجاه نحو السفارة السعودية هو الخيار الآمن للجميع، فالسعودية دولة وازنة، وتتمتع قيادتها بمكانة خاصة لدى جميع الدول، جعلت أطراف الصراع تستجيب لثقل السعودية، وتخصص ممرات آمنة لعبور الرعايا، وفي ذات الوقت الثقة الدولية الكبيرة في المملكة جعلها توجه رعاياها نحو سفارتها.
اجتمعت لدى السعودية خبرات متراكمة في إدارة الحشود، وفي العمل الإنساني. لم تكن من كبار المتبرعين والداعمين فقط، ولكنها عملت في الميدان، فأصبحت تقود الجهد الإغاثي من موقع الحدث، وتدير بنجاح الأزمات الطبيعية والبشرية، فسجلها حافل في هذه المجالات، ويدها بيضاء، ورايتها عالية، فكم مبادرة سعودية جمعت الفرقاء وحقنت الدماء، وساهمت في البناء واستباب الأمن.

ماذا عن التغطية الإعلامية السعودية، هل بالغت وسائل الإعلام السعودية وتجاوزت المهنية؟ في تقديري الخاص أن التغطية الإعلامية كانت طبيعية، ولكنها تكررت مع وصول كل سفينة، حتى اعتقد البعض أنها تكرار لحدث سابق!، ولأني متخصص في الإعلام، وسقف تطلعاتي عالٍ جدًا، فأرى أن الإعلام السعودي بجناحيه، لم يبالغ، وكان في مقدوره تقديم العمل بما يتلاءم مع الحدث، هذا النجاح والتميز كان يحتاج إلى أن يصحبه الإعلام منذ اللحظة الأولى التي أبحرت فيها أول سفينة سعودية حتى وصولها إلى بورتسودان. إيجاد غرفة عمليات إعلامية خاصة بالحدث ليس بالأمر المستحيل.
ليس هذا فحسب، فالمشاهد لم يطلع إلا على المشهد الأخير عندما رسا موكب السفن السعودية في قاعدة الملك فيصل في جدة. لم تكن عملية إجلاء الرعايا نزهة بحرية بالتأكيد. كنت أتمنى أن يرافق إعلامنا الجهود السعودية خطوة بخطوة، وينقل للجميع المخاطر، ووعورة الطرق، وكيف تمت عملية الإجلاء والجهود التي تقوم بها السفارة السعودية، والخدمات الصحية وغيرها التي تقدم لجميع الرعايا، ثم تصحبهم في رحلة العودة وتوثقها، وأن تستعين بمذيعين يجيدون الحديث بلغة الرعايا، وتوثيق هذه اللحظات، وإرسالها على هواتفهم المحمولة، بهذا تجعل المشاهد في كل مكان يعايش لحظاتها، ولا يرى الثمرة التي آلت إليها فقط.
قلت لصاحبي:
عندما تقدم عملًا إعلاميًا.. فكَّر بعقلية المتلقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى