انتهى مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية مؤخرًا من تطوير “مسجد الحزيمي” في محافظة الأفلاج، وهو من أبرز المساجد التاريخية والحضارية ويعود تاريخ بناؤه لأكثر من قرن من الزمان؛ حيث يهتم مشروع سموه بالمحافظة على الطراز العُمراني والمعماري الذي يميز كل محافظة ومنطقة في الوطن عن الأخرى؛ ويسعى المشروع إلى إبراز الإرث التاريخي والثقافي والإنساني لتلك المساجد، وإعادة بناء كل مسجد بالطرق البيئية والتصاميم الهندسية من خلال استخدام التقنيات الحديثة؛ حيث استخدم في ذلك المسجد الطرق الحديثة التي تبرز الطراز العمراني النجدي الذي عُرف باستخدام تقنيات معينة من خلال البناء بالطين والمواد الطبيعية والأخشاب بما يتلاءم مع متطلبات الثقافة الإسلامية وأحياء التقاليد المعمارية لكل مسجد تاريخي.
ويعد مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية من أبرز المشاريع الوطنية التي تسعى لها رؤية ٢٠٣٠م، والذي تمَّ إطلاقه في عام ٢٠١٨م بدعم وتوجيه ومتابعة من سموه الكريم. الذي يولي المشروع اهتمامًا كبيرًا لما تتمتع به تلك المساجد التاريخية من مكانة في الإرث الحضاري والتاريخي وفي الدين الإسلامي إضافة إلى كونها من معالم التاريخ الحضاري العمراني الذي يُمثل الإنسان، ويُشكل عمقًا تاريخيًا وثقافيًا لتلك المساجد التي ارتبطت مع الحضارة الإنسانية في هذه الأرض الطاهرة.
ويتضمن مشروع سموه إعادة وتأهيل “١٣٠” مسجدًا تاريخيًا في مختلف محافظات ومناطق المملكة؛ حيث تم الانتهاء في المرحلة الأولى من تأهيل ٣٠ مسجدًا بتكلفة إجمالية تتجاوز ٥٠ مليون ريال، وبطاقة استيعابية ٤٤٠٠ مصلٍّ، وتشرف على بناء وتطوير تلك المساجد شركات وطنية سعودية متخصصة في البناء التراثي والعمراني بإشراف مهندسين سعوديين.
ومن أهم الأهداف الاستراتيجية للمشروع “استعادة الأصالة العمرانية لتلك المساجد؛ وإبراز البُعد الحضاري للمملكة العربية السعودية”.
وتشمل المرحلة الثانية من مشروع سموه تطوير ٣٠ مسجدًا بواقع ٦ مساجد في العاصمة الحبيبة؛ و٥ مساجد في منطقة مكة المكرمة و٤ مساجد في المدينة المنورة؛ و٣ مساجد في منطقة عسير؛ ومسجد في المنطقة الشرقية؛ ومسجدين في جازان والجوف؛ ومسجد في الحدود الشمالية.
حيث جاء اختيار المساجد بحسب الأهمية التاريخية والتراثية سواء من ناحية الارتباط بالسيرة النبوية أو الخلافة الإسلامية أو تاريخ المملكة الحضاري والإنساني.
وبدأت المرحلة الثانية من خلال تأهيل وترميم “مسجد البيعة” الذي بناه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بالقرب من جمرة العقبة في منى؛ ليكون أول المساجد المستهدفة بالتطوير في المرحلة الثانية. أما في جدة فقد تم استهداف تطوير مسجدين إحداهما “مسجد أبو عنبة” في حارة الشام، والذي تم بناؤه قبل ٩٠٠ عام وثانيهما “مسجد الخضر” الواقع في حي البلد، والذي يعود بناؤه إلى ٧٠٠ عام.
وفي هذه المرحلة بدأ تطوير “مسجد الفتح” في محافظة الجموم، وهو المسجد الذي صلى فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح حيث تم إعادة ترميمه عام ١٤١٩ هجري، وستزداد مساحته بعد تطويره ضمن المشروع من ٤٥٥.٧٧ مترًا مربع إلى ٥٥٣.٥٠ مترًا مربع؛ حيث سترتفع طاقـته الاستيعابية من ٢١٨ مصليًا إلى ٣٣٣ مصليًا.
ويراعي مشروع سموه أدق التفاصيل حتى تعود تلك المساجد إلى ما كانت عليه سابقًا مع إضافة بعض العناصر الهامة المتوافقة مع التطور العمراني والعلمي مثل توفير مصلى للنساء؛ وتطوير المرافق؛ والخدمات؛ وتوفير خدمات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة؛ وتوفير مواقف خاصة للمركبات.
وتنتهى المرحلة الثانية للمشروع بحلول عام ٢٠٣٠م، ومن أهم المساجد التي انتهى منها المشروع “مسجد الوقف” في محافظة مكة المكرمة، والذي يعود تاريخه إلى ٣٠٠ عام؛ كونه عُرف بهذا الاسم بسبب وقوف الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ذلك المكان حيث تم الانتهاء من تجديده وتقام الصلاة فيه حاليًا.
ومن أهم المساجد التي يتم استهداف تطويرها في المرحلة الثانية “مسجد السعيدان” في منطقة الجوف، والذي يعود تاريخه إلى ٦٢٠ هجري، والذي تم اتخاذه قديمًا دارًا للقضاء والفصل في المنازعات والخصوم؛ ومدرسة لتعليم القرآن الكريم والسنه النبوية؛ حيث سيتم زيادة عدد المصلين ليرتفع إلى ٦٨ مصليًا وستزداد مساحته إلى ٢٢٠٣٩ مترًا مربعًا.
ويساهم مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في إبراز البُعد الحضاري والإرث التراثي للمملكة الذي ترتكز عليه رؤية سموه ٢٠٣٠م عبر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة، والاستفادة منها في تصميم وتطوير المساجد الحديثة بما يتوافق مع التطور العمراني والتكنولوجيا الحديثة في البناء والتشييد.
0