من المتعارف عليه في المجالات الحياتية كافة تعدد التعريفات النظرية بخلاف النظريات العلمية فهي محددة وثابتة، وإذا أخذنا معنى كلمة موهبة كما ورد في أحد التعريفات المتداولة فهي:”سمات معقدة تؤهل الفرد للإنجاز المرتفع في بعض المهارات والوظائف، والموهوب هو الفرد الذي يملك استعداداً فطرياً وتصقله البيئة الملائمة، لذا تظهر الموهبة في الغالب في مجال محدد”. ولدينا هنا تم تطوير التعريف من قبل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عام ١٤١٨ه وتم اعتماده رسمياً من قبل وزارة التعليم في المملكة بموجب قرار وزاري حيث يعرف الموهوبون: “بأنهم الطلاب الذين يوجد لديهم استعدادات وقدرات غير عادية أو أداء متميز عن بقية أقرانهم في مجال أو أكثر من المجالات التي يقدرها المجتمع وبخاصة في مجالات التفوق العقلي والتفكير الابتكاري والتحصيل العلمي والمهارات والقدرات الخاصة ويحتاجون إلى رعاية تعليمية خاصة لا تتوافق لهم بشكل متكامل في برامج الدراسة العادية” ويتضح من هذا التعريف المعتمد مدى الحاجة حينها إلى إنشاء مدارس خاصة بالموهوبين وهو ماتم بفضل الله تعالى لاحقاً.
وفي رؤية السعودية 2030 وتحديداً في المجال التعليمي أخذت الرؤية هذا الجانب بأهمية بالغة؛ نظراً لما تعتمد عليه الأمم في النهوض بمجتمعاتها عبر التعليم والذي يشهد ثورة ملاحظة وغير مسبوقة في الجوانب المعلوماتية. فكان رعاية الموهوبين من ضمن مستهدفات الرؤية الهامة؛ وذلك بتنمية مهاراتهم وقدراتهم وتزويدهم بالعلوم المتنوعة والمعارف اللازمة؛ ليصبحوا عماد هذا الوطن المعطاء في مستقبله المأمول، وليساهموا بدفع المسيرة التنموية في جميع الاتجاهات الحديثة. وقد قامت الدولة -وفقها الله- عبر مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) بدور ملموس باكتشاف ورعاية الموهوبين في المجالات العلمية مما كان له الأثر الكبير في تفجير طاقاتهم الإبداعية وتوظيفها التوظيف الأمثل. هذا غير جهود وزارة التعليم المباركة في إنشاء مدارس خاصة بالموهوبين في مختلف مدن المملكة، إضافة إلى تأسيس فصول مستقلة بالموهوبين داخل المدارس؛ نظراً للإقبال المتزايد من هذه العينة المتميزة من الطلاب.
إن من الجميل أن هذه الفئة المبدعة من الطلاب وجدت لها اهتماماً كبيراً في ظل جانب هام من جوانب رؤية المملكة ٢٠٣٠ وهو الجانب التعليمي حتى أصبحت كواقع مشاهد تساهم في إيجاد مجتمع معرفي؛ لتحقيق التنمية المستدامة من خلال الابتكار والإبداع والاختراع عبر بيئة تعليمية جاذبة تمتاز بالمناشط المتنوعة وسط نخبة من القادة والمعلمين يؤمنون بدورهم الفاعل بتقديم معلومات ومهارات وأفكار نوعية. كما أن للأسرة دوراً ضرورياً في التعاون والتواصل مع المدرسة لرعاية الأبناء والارتقاء بهم. وأيضاً لا يُغفل دور الإعلام المؤثر في عرض النماذج المضيئة لنخبة من الطلاب وأعمالهم التعليمية البارزة. ومن المهم جداً إعطاء المزيد لمنسوبي المدرسة من الصلاحيات الممنوحة بعيداً عن الممارسات الإشرافية التقليدية المعيقة للعمل الإبداعي. ويجب أن يعاد النظر في التعامل الإشرافي مع مدارس الموهبة فمعلم الموهوبين موهوب ومبدع بطبيعة الحال ويحتاج إلى مساحات كبيرة من الحرية في العمل المدرسي اليومي خلاف الروتين الرسمي وباختصار “العمل التعليمي الإبداعي الحرية المسؤولة تحفزه والقيود الصارمة تثنيه”. كل التوفيق والسداد لأبنائنا وبناتنا الموهوبين في ظل رؤية 2030 التي تحفز وتشجع الإنتاج المعرفي في الوسط التعليمي.