أيُّها الجبل الأشمّ، كم أدخلتَ السّرور في قلبِ مَن وطئت قدماه ذلك المتنزّه، وأسعدتَ عيْنَيْ مَن حلَّقَ نظره بعيدًا في تلك الفياض الخضراء على ضفاف وادي الرشا والتسرير! ألَمْ يصِفْك العلّامة بن خميس -رحمه الله تعالى- بقوله: ما أجملك جبلة تتربَّع على شاطئ التّسرير، وتصافح صبا نَجْدٍ، تحمل عرق الشيح والقيصوم، وتتخلَّل الرّمث والعرار، وتداعب الأقحوان والخزامى!.
كما يصف سعد بن جدلان -رحمه الله- الرَّوض الخضْر، وكأنّه يتغزَّل في صبا نجدٍ التي احتوت الأقحوان والخزامي، حيث يقول:
يا زين المشي في الرَّوض الخضر لأشعشع المخضار
يا زين الديرة اللّي من حقوق الوسم ممطورة
يريح البال سجٍ في الفياض الخضر والمسيار
سعادة للقلوب اللي من السلوان مسرورة
هذه الحقائق لمسناها في متنزّه جبلة الوطني؛ تلك الفياض الخضراء والرَّوض الجميلة والمراتع الباسمة، التي يشرف عليه المركز الوطني؛ لتنمية الغطاء النّباتي ومكافحة التصحّر، أحد مراكز التحوّل الوطني بوزارة البيئة؛ هذا المتنزّه اليوم أحاطت به جهود الإدارة العامة للمتنزهات الوطنية بالمركز الوطني للمحافظة على الغطاء النّباتي وتنميته بأشجاره وشجيراته وجميع نباتاته، من الاحتطاب والرَّعي الجائر؛ كإحاطة السِّوار بالمِعصم، فكانوا العينَ التي لم تغفل عنه، إيمانًا بدورهم الوطني والبيئي في بقاء هذا المتنزّه في أجمل صورِه، فأَسَرَتْ وأبهجت من قدِمَ إليه وتجشَّم عناء السفر من مختلف مناطق وطني المِعطاء.
تلك الجهود المميَّزة والمتميِّزة الرّامية للمحافظة على الغطاء النباتي، أفرحَتِ النّاس كثيرًا، وأدخلت السّرور في نفوسهم والبهجة في قلوبهم، وحقَّقت أهداف رؤية ٢٠٣٠ للوصول إلى السعودية الخضراء التي نقطف ثمارها في جانب مهمّ من جوانب حياة الإنسان.
أيها الجبل الأغرّ الأبيُّ الذي اكتسيتَ ببياض السّحب الركامية فازددت جمالاً وبهاءً.. كم أسرْتَ قلوبًا عشقت الصحراء بفياضها الخضراء، فقَدْ شكّلت صورة جميلة أسعدَتْ كلَّ زائرٍ لكَ ومتنزِّهٍ قَدِم إليك، ولسان حاله يقول:
فسبحانَ مَن ساقَ السّحاب بفضله
على الرَّوض بالأمطار والناس تنعم
كأنّي بهذا الرّوض ناجى خليله مِن الحسن والإبداع كاد أن يتكلّما
إنَّ هذا المتنزَّه الذي تبلغ مساحته ٩٨ مليون متر مربَّع، تشرف عليه من الجهة الشرقية قرى ومراكز الجمش التابعة لمحافظة الدوادمي التي امتدت إليه يد التنمية بأهدافها في تطوير وتحسين الخدمات به، ليلتقي مع جمال الطبيعة بحسنها وجمالها التي أودعها الله في ذلك الجبل، ويكتمل ذلك العقد في التنمية والتطوير، لتكون بذلك منطقة سياحيّة واعدة تحقِّق مستهدفات رؤية ٢٠٣٠، بقيادة سموّ سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- ورعاه.
إن المواطن والمقيم يتقدمان بجزيل الشكر والثناء العطر للإدارة العامة للمتنزهات الوطنية ممثلاً في فريق العمل بمتنزه جبلة على تلك الجهود الجميلة والمميّزة في المحافظة على رِياضه الخضراء وشلّالاته المتدفِّقة، التي تناجي الجميع: حافظوا على تدفّقي لأستمرّ في العطاء واخضرار المكان من العبث وتدمير البيئة.
– عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء