المقالات

المُثلث المكي!!

قبل نحو ألفٍ وأربعمائةٍ وخمسين سنةً شرفت بقاع مكة المكرمة الطاهرةِ بأولِ تنزلٍ للوحي على نبينا محمد بن عبد الله -صلي الله عليه وسلم-. في ذلك التاريخ البعيد القريبِ ترددت في جنبات حراءِ أولي كلمات القرآن العظيم: (اقرأ)، (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ). حملت هذه الآيات الشريفة – منذ مطلعِ الإسلام-رسالة المعرفة…. المعرفة الشرعية المضمنةِ في قوله تعالي:( بِاسْمِ رَبِّكَ)، والمعرفة الدنيويةِ التي يوحي بها قول الخالق -عز وجل-: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) في إشارةِ خفيةِ للعنايةِ بدقائق الخلقِ، وعجائب الصنعةِ الإلهية فيه.

وما بين علمِ الدين وعلم الدنيا نبتت حضارة هذا الدين العظيم في هذه المدينة المقدسة، وكانت مكة المكرمة بكعبتها ومسجدها وحرائها مثابة لها وأمنًا ..فحراء المنطق، والكعبة الوجهة، والمسجد الحرام فضاء العلم الفسيح، ومن ثم كان هذا المثلث المكي رمز العلم والمعرفة، وعنوان الوهج الحضاري الإسلامي-(مكة والمسجد الحرام وحراء)-إن هذه المدلولات العميقة انعكست علي مكة المكرمة أداءً وبناءً ووسمتها بميسمٍ فريد لا يشاركها فيه غيرها ولا ينازعها فيه سواها، لذلك من يسكن هذه المدينة المقدسة يحمل في قلبه أقباسًا من أصداءِ حراء.. وأنفاسًا من عبقِ المسجد الحرام، وأطيابًا من نفحات الكعبة المشرفة.

وكان قديمًا إذا قدر لأحدهم أن يسكن مكة المكرمة بجوار البيت الحرام، عجل بإلحاق (المكي) إلى نسبهِ تشرفًا بهذه البقعةِ المباركة الشريفة؛ لأنه يسكن المدينة التي سكنها من قبل: سيد الخلق نبينا محمد -صلي الله عليه وسلم- وجلةِ الصحابة -رضوان الله عليهم- أجمعين وكبرائهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى