المقالات

السودان بين صوت المدافع وصوت العقل

في الوقت الذي بادرت فيه المملكة العربية السعودية مشاركة مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جمع طرفي الصراع في السودان على طاولة واحدة للحوار والتفاوض في مدينة جدة، أقول في أتون تلك المبادرة وما يمكن أن ينتج عنها من إنهاء الصراع، صرَّح المتحدث العسكري للجيش السوداني، بأن تلك المفاوضات تقتصر على النواحي العسكرية المتعلقة بتمديد الهدنة وكذلك على النواحي الإنسانية لفتح الممرات اللازمة للمساعدات، أما المسار السياسي والحديث عنه حسب المتحدث العسكري للجيش السوداني؛ فليس مطروحًا على طاولة التفاوض ..

هذا التصريح في اعتقادي هو محاولة إفشال التفاوض قبل أن يبدأ، ويعتبر حجر عثرة ومعول هدم لما تهدف إليه المبادرة السعودية الأمريكية، من ضرورة إيقاف الحرب والعودة إلى المسار السياسي الذي يقود إلى العملية الديمقراطية المدنية التي كانت سائدة في السودان قبل اندلاع الأزمة واختلاف الشركاء ..

كلنا نتمنى أن يسود بين السودانيين صوت العقل، وأن تبتعد عن العسكريين نبرة الأنا وصوت المدافع، فالبرهان وحميدتي إذا بقيا على تلك المواقف المتصلبة والمتنافرة فالخسارة ستعم الشعب السوداني بالكامل، ولهذا فإنني أرى أن حل الأزمة برمتها هي في تخلي البرهان وحميدتي عن طموحهما الشخصي، والتفكير في المصلحة العامة للسودان، ومن هذا المنطلق؛ فإنني لست مع من يقول بأن السودان يتعرَّض لمؤامرة خارجية، بل أقول بكل صراحة بأن المؤامرة هي داخلية شخصية بين قائدين متسلطين يملكان القرار والقوة، وإذا لم يتنازل كل منهما عن مصلحته الشخصية فسوف يؤدي ذلك إلى فشل المحادثات في جدة، وبالتالي فإن نصيحتي لعقلاء السودانيين أن يستغلوا مبادرة اجتماع جدة لحل الأزمة، لأن خسارة مفاوضات جدة وفشلها سيُمثل خيبة أمل للجميع، أتمنى ألا تصل الأمور إلى طريق مسدود، فالفرص الإيجابية للحل الصحيح قد لا تتكرر، حفظ الله السودان وشعبه، وسخَّر لهم قيادة مدنية راشدة وحكيمة، تنتشلهم من سطوة العسكر التي لا تخدم إلا أعداء السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى