ابن القرية، من أبناء قرية النصباء بالمندق بمنطقة الباحة جنوب السعودية، نشأ وترعرع “هاني بن عبد الله الزهراني” بمنطقته، شاب طموح منذ الصغر، عشق الحل والترحال وصعود الجبال.
“ومن يتهيب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر”
لم يهب الجبال بل كان صديقًا لها فصعدها ولم يخشها بل كان يتأمَّل جمال خلق الله، ويسبح بحمده ويوثق بديع صنع الله.
أجاد اللغة الإنجليزية وبطلاقة في صغره؛ وذلك لحبه الشديد بها ومتابعته في تلك الفترة العمرية للقناة السعودية الثانية، التي كانت تقدم برامج ومحتوى مفيدًا، ساهم في تطوير لغته، والإبحار في تعلم العلوم والاطلاع على ثقافات أخرى.
انطلق ابن القرية المصوَّر المبدع؛ لاستكمال دراسته في دولة كندا والولايات المتحدة الأمريكية؛ ليعود بعد ذلك بتخصص نادر، ويبدأ أولى محطات عمله في طيران ناس، وينتقل بعدها بالعمل مسعفًا جويًا بهيئة الهلال الأحمر بمكة المكرمة، وليأنس بالعمل في خدمة الحجاج والمعتمرين، فقد التقيته عدة مرات أثناء عمله بموسم الحج وملامح الفرح والسعادة تغمره لخدمة ضيوف الرحمن، وتوثيق الجهود المبذولة لهم.
من هاوٍ للتصوير بعام 2010 ورحّال إلى محترف ومغامر؛ لتوثيق أجمل اللقطات بعدسته الأنيقة فقد عشق السفر لعدة دول، ووثقت عدسته بديع خلق الله وعظمة هذا الكون الواسع الشاسع، كانت لمنطقته التي عاش بها بالغ ابأثر على مسيرته المهنية، أظهر الجمال بحُلة جديدة، التقط الصور بروح مُحب للطبيعة، لم يكن يلتقط لمجرد المتعة بل كان يجد أنسه وسلوته بهذه الطبيعة بشتى تضاريسها من بحر وبر وجبال وظروف جوية مختلفة، بل كانت لديه فلسفته الخاصة للظهور كان ينتقي أجود الصور، ويكتب معها أبسط العبارات باللغتين العربية والإنجليزية حتى تصل لأكبر شريحة ممكنة؛ فقد أصبح لديه متابعون من أنحاء العالم، وقد شارك في تغطيات متنوعة مع شركات محلية وعالمية كشركة فورد وهواري وسرني؛ نظير ما يمتلكه من موهبة خاصة، جلست ذات مرة في حديث شيق معه والاستماع لرحلاته فذكر أنه يغضب عندما يرى المنتزهات، وبها العديد من المخلفات.
وساهم في رؤية 2030 بإبراز وتوثيق جمال المملكة العربية السعودية عبر صور فوتوغرافية ومقاطع فيديو قصيرة أبرزت جمال مملكتنا الحبيبة ومقوماتها الطبيعية الفاتنة، نشرت عبر محطات عالمية وصحف محلية وعبر حسابه الخاص، من أبرزها الفيلم القصير عن قرية ذي عين، وتقرير مصور عن قمم جبال الباحة نُشر عبر صحيفة cnn، وبتغطيته لحدث نادر بالطبيعة ظاهرة (شبح الجبل) ومشاركته في جلسة دولية حوارية عن تغير المناخ.
عمل مع العديد من الأصدقاء، وكان محبًّا لتقديم المعلومة ومساعدة الجميع؛ فقد ساهم خلال فترة الحجر بكورونا بتقديم دورة مجانية لتصوير الطبيعة حضرها عدد كبير من أنحاء المملكة، عرف بخُلقه الطيب وتعاونه مع الجميع، وأثناء إتمامه إحدى مهام عمله في تغطية لمشروع تصوير بجبال السودة سقط بين جبالها الوعرة، ولم يستطع أحد إنقاذ المسعف الجوي في أسرع وقت ممكن؛ لسقوطه بمسافة تصل 300 متر حتى وافته المنية، وتم انتشاله من منطقة وعرة جدًا، وبجهود عدد من المتسلقين والجهات المختصة ومتابعة وحرص شديد من سمو أمير منطقة عسير صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال.
تصدر الترند عبر تويتر يوم الجمعة #هاني_الزهراني، وتفاعل مع خبر وفاته معالي المستشار تركي آل الشيخ ومعالي وزير الإعلام أ. سلمان الدوسري، ومدير المكتب الخاص لسمو ولي العهد أ.بدر العساكر وكثير من القنوات، والصحف المحلية والعالمية والمتابعين؛ لينعوا المصور صاحب الخُلق الرفيع في فجيعة وصدمة لجميع محبيه ومتابعيه، نسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويتجاوز عنه، ويرزق أهله وذويه الصبر والسلوان.
يستحق وجود مبادرات باسمه وتكريمه وتقديم الدعم اللازم للمحافظة على الإرث العظيم من الصور الرائعة لمملكتنا العزيزة، من الجهات المختصة بالقطاع العام كهيئة الترفيه والسياحة، وهو ليس مستغربًا منهم؛ فجهودهم تُذكر فتشكر لدعم الشباب المبدع، وكذلك القطاع الخاص، وقد كان من أول المبادرين منصة “ذا ستوك”؛ فجزاهم الله خيرًا.