ويتواصل العطاء من هذه البلاد المُباركة؛ لتؤكد من جديد مكانتها العالمية وحضورها القوي في العمل الإنساني والتطوعي، وتقديم المساعدات الإنسانية على مستوى العالم، فهذه المكانة المرموقة والمرتبة المتقدمة التي تحتلها المملكة بين دول العالم.. لم تكن وليدةً للصدفة، وإنما جاءت من خلال ما تقدمه من خدمات جليلة للإسلام والمسلمين في مختلف المجالات، وما يتمتع به قادتها من الحكمة والحصافة التي اتسم بها منهج هذه البلاد الطاهرة.
وقد استطاع قادة المملكة منذ عهد المؤسس وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من ترسيخ مفهوم الريادة من خلال مسارعتها في تقديم العون والمساعدة لكافة الشعوب الشقيقة والصديقة، وتبني قضايا العالم العربي والإسلامي؛ حيث تُمثل مسيرة المملكة مراحل ثرية وحافلة في هذا المجال ساهمت في تفعيل دورها في المجموعة الدولية وتبوئها لمكانة مرموقة بينها، والتي تتضح عبر ما تقدمه من برامج إغاثية مالية ومادية بسواعد وطنية في مناطق الكوارث والحروب والصراعات، من خلال ذراعها الإنساني مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي يُمثل قيمة إنسانية وإغاثية في العالم أجمع، وما يحققه هذا المركز من نجاحات عالمية، وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل القيادة الحكيمة التي ما فتئت تبذل الغالي والنفيس في سبيل مساعدة الأشقاء والأصدقاء، والمساهمة المستمرة في دفع عجلة الارتقاء والنماء والنهوض بكافة الشعوب إلى أرقى المراتب والدرجات، واستشعارًا بأن هذه الأعمال التي تُقدمها حكومة المملكة العربية السعودية، إنما تأتي من واجب ديني وإنساني.
ولعل الحملة الوطنية السعودية التي نفذت مؤخرًا لإغاثة متضرري الزلزال في سوريا وتركيا خير شاهد، وهي تُمثل امتدادًا للدعم المتواصل الذي تقدمه حكومة المملكة للوقوف مع كافة الدول في مختلف الظروف والمحن التي تمر بها، ولتؤكد أن قيادة هذه البلاد تستشعر حجم المعاناة الشاقة والآلام والجراحات النازفة والمآسي التي تسببت فيها هذه الكارثة.
وتأتي اليوم الأزمة التي يمر بها السودان الشقيق، لتؤكد المملكة أسبقيتها في المواقف النبيلة من خلال تأكيد دعمها للسودان، والوقوف بجانبه، واستمرار مساعيها الداعمة له حتى يتجاوز «الظروف الاستثنائية» التي يعيشها، وبذل أقصى الجهود بتوجيهات من القيادة الرشيدة -أيدها الله – في عمليات الإجلاء من السودان التي لم تقتصر على المواطنين السعوديين فقط، بل شملت رعايا كافة الدول الشقيقة والصديقة، والدور المحوري الذي لعبته المملكة والمواقف الإنسانية التي سجلتها، والتي شهد بها العالم أجمع، وهو نهج دأبت عليه المملكة، لمساندة الدول لتخطي ما تُعانيه من ظروف سياسية واقتصادية.
واستكمالًا لكل هذه المواقف المشرفة يأتي توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بإطلاق حملة شعبية عبر منصة “ساهم” من خلال “مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية”، لتقديم المساعدة للشعب السوداني، وهو ما يشير بجلاء إلى الدور الريادي للمملكة وإيمانها الكامل بواجبها الديني والإنساني تجاه الشعوب الشقيقة والصديقة، كما أنها تعكس الترابط الأخوي المتين الذي يميز أبناء المملكة قيادة وشعبًا، وتؤكد حرص القيادة على أهمية تعزيز الجهود الدولية؛ لتخفيف معاناة الشعوب المتضررة في مختلف أنحاء العالم والتزامها بالعمل الدولي الجماعي والدور الإنساني التنموي، وما هذه الحملة الوطنية إلا دليل جلي على حرص حكومة المملكة على الوقوف الى جانب المتضررين وتضميد الجراح، وتقديم العون، وهو موقف ليس بمستغرب على مملكة الإنسانية، التي عودت الجميع على المبادرة والسبق في كل ما يخص الجانب الإنساني.