كم هي الأيام سريعة! كم هي سرعة مرور ستة أعوام على تولي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء ولاية العهد! لقد كان تغييرًا مهمًا واستراتيجيًا؛ إن حجم التغيير الذي حدث في عهده يوازي ما تمنيته في كل سنوات شبابي، وتمناه كل مواطن من طموحات وطنية أتت وتحققت على يد قائد فذ لا يرى حدًا للمستحيل. لقد تغير المجتمع تغيرًا جذريًا، وتغيرت قناعات ظننا أنها راسخة رسوخ جبال طويق، ولكن مع وجود قائد بحجم صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان لا يوجد شيء مستحيل. لا يمكن إيجاز الإنجازات التي تمت في كل مجال، وعلى كل صعيد في عهده الميمون؛ ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق بالمرأة والأسرة.
لقد أكد ولي العهد في عدد من لقاءاته مع صحف محلية ودولية أن المملكة عملت على تمكين المرأة السعودية في مجال العمل والأحوال الشخصية، وباتت اليوم فعليًا شريكًا للرجل السعودي في تنمية الوطن دون تفرقة…. مضيفًا بأن المرأة السعودية سابقًا كانت لا تستطيع السفر بدون تصريح، ولا حضور المناسبات الرياضية والثقافية، ولا قيادة السيارة، ولا ممارسة الكثير من الأعمال، ولا حتى إنهاء قضاياها دون محرم، مشيرًا إلى أنها عانت من تلك الأمور لعشرات السنين، أما اليوم فهي تعيش مرحلة تمكين غير مسبوقة. وهو ما تؤكده مشاهدات واقعية فباتت المرأة قادرة على العمل في كل المجالات المهنية وشكل قرار السماح للمرأة بقيادة السيارات الذي أقر في شوال من عام 1438ه بعد سنوات من المنع عاملًا مهمًا للتيسير وفتح المجال للعمل والمشاركة الوطنية في كل مجال.
أما ما يتعلق بمجال نزاهة وتتبع الفساد والفاسدين فقد ضربت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة أروع الأمثلة في محاسبة كل أنواع الفساد ومن أي جهة كانت فتبوأت المملكة العربية السعودية مكانة مرموقة في معالجة قضايا الفساد المؤسسي في كل القطاعات وتم الإعلان عن أسماء المتورطين. وفي سياق تأكيده على إصرار المملكة على محاربة الفساد واجتثاثه قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان “إن الفساد كان قد انتشر في المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية مثل السرطان، وأصبح يستهلك 5% إلى 15% من ميزانية الدولة. ما يعني أداء 5% إلى 15% أسوأ على أقل تقدير في مستوى الخدمات والمشاريع وعدد الوظائف وما إلى ذلك. ليس فقط لسنة أو سنتين، ولكن تراكميًا على مدى ثلاثين سنة. وأضاف ولي العهد وفي السياق نفسه “إنني بصدق أعتبر هذه الآفة العدو الأول للتنمية والازدهار وسبب ضياع العديد من الفرص الكبيرة في المملكة العربية السعودية. هذا الشيء أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم على أي نطاق كان دون حساب قوي ومؤلم لمن تسول له نفسه، كبيرًا أو صغيرًا” ولم يكن هذا حديثًا، بل قولًا وفعلًا فأصبحت الأرقام والمبالغ تنشر وتحدث بشكل دوري لإطلاع المجتمع على الجهود الوطنية في هذا الصدد وهو ما يؤكد حرص قيادة بلادنا على تتبع هذه الآفة التي تعيق التنمية بشكل كبير.
وعلى صعيد المدن الاقتصادية، أطلق الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، قبل أقل من شهر أربع مناطق اقتصادية خاصة، في خطوة تعكس حرصه على تطوير وتنويع الاقتصاد السعودي وتحسين البيئة الاستثمارية، بما يعزز مكانة البلاد كوجهة استثمارية عالمية رائدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وأكّد ولي العهد “أن المناطق الاقتصادية الخاصة ستفتح آفاقًا جديدة للتنمية، معتمدة على المزايا التنافسية لكل منطقة لدعم القطاعات الحيوية والواعدة، منها القطاعات اللوجيستية والصناعية والتقنية وغيرها من القطاعات ذات الأولوية لدى لمملكة حيث تتميز المناطق الاقتصادية الخاصة الجديدة بمواقع استراتيجية في الرياض وجازان ورأس الخبر ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية شمال مدينة جدة.”
ولم تكن السياحة بمنأى عن اهتمام ولي العهد، فقد اعتُمدت التأشيرة السياحية الإلكترونية “التي يمكن الحصول عليها إلكترونيًا خلال دقائق. ومن الجدير بالذكر أن هذه التأشيرة تسهل زيارة الأماكن السياحية في المملكة وآثارها وتراثها، وهو ما يسهم في تنشيط قطاع السياحة ورفع نسبة إسهامه في الناتج المحلي، وتطوير وجهات سياحية عديدة ومتنوعة، وتوليد فرص عمل لأبناء وبنات هذا الوطن، مما جعل قطاع السياحة في المملكة الأسرع نموًا في العالم، حيث سجّل نموًّا بنسبة 14%.. فأصبحت المملكة العربية السعودية بفضل الله ثم بفضل هذه السياسات المباركة وجهة لملايين من السائحين سواء للقيام بفريضة الحج والعمرة من المسلمين من مختلف أقطار المعمورة لزيارة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة أو من السائحين الأجانب لزيارة الأماكن السياحية في العلا وجنوب وشمال المملكة العربية السعودية. وقد أشارت مصادر اقتصادية إلى أن عدد السياح وصل إلى 64 مليون سائح في عام 2021، وهو رقم يتجاوز عددهم في 2019، ووصل حجم الإنفاق إلى 22 مليار دولار.
أما على الصعيد السياسي، فشهدت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية تطورًا مميزًا ووثيقًا، وهي الآن تسير بوتيرة متسارعة نحو المزيد من التعاون والتفاهم المشترك بينهما في مختلف المجالات بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الصديقين. وبدأت العلاقات الوطيدة بين البلدين منذ 80 عامًا، حيث شملت مختلف أوجه التعاون والتطور، في شكل علاقات تجارية بسيطة واستقبال الحجاج الصينيين، وصولًا إلى شكلها الرسمي عام 1990م بعد اتفاق البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما وتبادل السفراء وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية والاقتصادية والشبابية. ومؤخرًا، تم التفاهم مع الطرف الأكثر صعوبة على الجانب السياسي وهو الاتفاق مع دولة إيران على بذل ما في الوسع للوصول الى استقرار سياسي في المنطقة. وهو أمر طال انتظاره.
هناك العديد من المبادرات التي قادها سمو ولي العهد، والتي أسهمت في رفع الكفاءة للخدمات والمصالح الحكومية مع تحسين تواصلها مع القطاع الخاص الذي أصبح له دور مهم الآن في اتخاذ القرار؛ وتطوير الأنظمة القضائية ورفع قيمة الشفافية في الأحكام عبر إجراء تعديلات جوهرية في اللوائح المعتمدة سابقًا مما أدى إلى وصول المملكة إلى أفضل المراكز العشرين الأولى في المؤشرات العالمية من خلال تطبيق أهم إصلاحات اقتصادية في أكثر من 400 إجراء هام حيث أطلق سموه العديد من المشاريع الطموحة والمبادرات الفعالة، والتي كان من أبرزها الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي كان من أهم منجزاتها تحسين تدفق عملية الاستثمار العالمي وجذب المزيد من المستثمرين المحليين والأجانب في سبيل تحقيق مستهدفات الرؤية؛ كذلك تطوير نظام الأحوال الشخصية الجديد والذي تمت موافقة مجلس الوزراء عليه.
هذه إشارات مجملة وسريعة لأهم الإنجازات التي تمت في عهد صاحب السمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ولكنها تحتاج إلى مقالات بل وكتبٍ لتبسط هذه الإنجازات العظيمة التي رأيناها واقعًا حقيقًا معيشًا في ست سنوات جسدت طموحات أجيال من السعوديين المحبين لأرضهم ووطنهم وكلنا حماس للقادم من الأيام أن تحمل المزيد من الخير؛ كما أن الجميع من أبناء ومحبي هذا الوطن يلهجون بالدعاء ليلًا ونهارًا لدعم القيادة الحكيمة التي تنظر نظرة تفاؤل للمستقبل الذي ينتظر هذا الوطن العظيم، والذي يعمل أبناؤه، رجاله ونساؤه، باستمرار ودأب في سبيل المزيد من نموه وتطوره.