المقالات

ماذا قدَّمت “نزاهة” لنمو الناتج المحلي مؤخرًا؟

مع انطلاق رؤية 2030، كان لمحاربة الفساد نصيب الأسد من برامج الرؤية، والتي انعكست إيجابيًا في كافة مؤشرات القياس الدولية التي تصنف الدول وفقًا لنظام الحوكمة فيها وسياسات مكافحة الفساد، كما ويحق لنا أن نتفاخر في المملكة العربية السعودية بما تحقق من نمو اقتصادي استثنائي بقيادة سمو ولي العهد محمد بن سلمان في شتى المجالات في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي المتأثر بالتضخم والركود.

وبالعودة لعنوان المقال سأتوقف عند مخرجات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد آخر ثلاث سنوات، والتي حازت قضايا الرشوة والتزوير في القطاع العام على نصيب الأسد من القضايا الجنائية التي باشرتها الهيئة وفق ما يتم إعلانه من قبل نزاهة في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعطي انطباعًا أنها ابتعدت كثيرًا عن الأدوار الرئيسية التي لا تقل أهمية عن قضايا الرشوة والتزوير التي عرفناها سابقًا بأنها أحد الأدوار الرئيسية لقطاع المباحث الإدارية.

ونحن نلمس اليوم استمرار الدولة؛ لتعزيز الاستثمار في القطاع الخاص من خلال استحواذ صندوق الاستثمارات العامة أو التأمينات الاجتماعية وغيرها من القطاعات العامة على نسب جوهرية في القطاع الخاص بنسب تفوق 25% أحيانًا، وهذا ما يعني أن تلك الشركات أصبحت من ضمن القطاعات المشمولة بصلاحيات نزاهة، أود أن أهمس لمعالي رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، بأن جانب الحوكمة والتحقق من مدى كفاية أنظمة الرقابة الداخلية ودقه المعاملات وملاءمتها ومدى تسجيل الأصول وحمايتها ومستوى الامتثال للسياسات الداخلية؛ بالإضافة إلى القوانين والأنظمة واللوائح الخارجية لتلك القطاعات والشركات لا تقل أهمية عن قضايا التزوير والرشوة إن لم تكن أكثر أهمية وبنسب كبيرة. خصوصًا وأن المُتابع والمهتم بالمشهد الاقتصادي اليوم يُلاحظ أن العديد من الشركات الخاسرة، والتي تُشكل عبئًا على اقتصاد الدولة قد توسعت في الإفراط في منح الصلاحيات والمكافآت لقيادتها التنفيذية وأعضاء مجالس إدارتها ولجانها المنبثقة. وكوننا نعلم بأن هناك عرفًا خاطئًا في إطار الفساد، والذي من خلاله يعتقد البعض بالتغاضي عن بعض التجاوزات قد يكون هناك مردود إيجابي على الشركات أخذن بعُرف (الفساد الإيجابي)، والذي يتطلب في نظرهم السماح لبعض التجاوزات بالمرور دون التقرير عنها بحجة أن المرونة والتوسع بمنح الصلاحيات يساهم بتسهيل الأعمال واستقطاب الاستثمارات والسرعة في اغتنام الفرص، وبالرغم أن مثل تلك الممارسات العالمية كانت عواقبها سيئة على اقتصاديات تلك الدول التي سمحت بممارستها إلا أننا نحرص أن لا يتسبب احتكار محاربة الفساد في قضايا الرشوة والتزوير من ظهور مثل تلك الممارسات على السطح في المملكة العربية السعودية؛ نظرًا لعدم مشاهدتها من ضمن القضايا الجنائية التي تعلن عنها “نزاهة” باستمرار.

وأخيرًا، كم أتمنى أن تأخذ هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تلك المقالة بسعة صدر، كما وكوني لا أمتلك إجابة لعنوان المقالة خصوصًا وأن القضايا المُعلن عنها أغلبيتها تركزت حول الرشوة والتزوير ذات المبالغ الزهيدة، أترك الجهات ذات الاختصاص والمهتمة بمؤشرات الأداء لبرامج الرؤية تجيبنا إن كانت تمتلك المعلومة.

– محلل الأسواق المالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى