المقالات

أنقذ فردًا تسلم أمة

هيا كدا

تقوم الجهات المختصة في الدولة بتوجيه كريم بحملة لا تبقى ولا تذر على المخدرات بكافة أنواعها. إنها حملة مباركة تُشارك فيها  أفرع وزارة الداخلية. وأتعشم أن يشارك فيها كل مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة، وكل مواطن. وتكون مشاركة المواطن بعدة طرق منها الإبلاغ عن أي اشتباه في قيام أي نشاط يروَّج للمخدرات. وكذلك متابعة الأبناء، وتشجيعهم لا قدر الله إذا ابتلوا بهذه الآفة أن يحدثونهم عن أنفسهم؛ ليتم التعامل مع تلك الحالة كواقعة مرضية، وهنا يعالج ويسلم من العقوبة إن حافظ على العلاج ويستعيد حياته الطبيعية. وكما أن للبيت دورًا متعاظمًا أيضًا؛ فإن للمدارس والجامعات دورًا كبيرًا في هذه المهمة الوطنية الرائدة. وكذلك أئمة المساجد والدعاة حسب ما توجه به الوزارات المختصة. والتمني أن تكون تلك المشاركات بما يرقى إلى لغة الحاضر، وليست عبارات محنطة وأدتها أدوات الثقافة المجتمعية التي أفرزتها عوامل عدة أبرزها وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. إن العمل على إنشاء وعي متجدد وثقافة رائدة واعدة لا شك ستكون من أهم عناصر استيعاب المجتمع وبالذات الشباب لمضامين أهداف هذه الحملة على أكبر وأدهى آفات العصر التي تستهدف الفرد لهزيمة أمة دينًا وصحةً وثقافةً واقتصادًا. سلمت أيادٍ عملت لإنقاذ أمتنا من براثن هذا العدو الشرس. فلهذا أقول أنقذ فردًا تسلم أمة. يقول عبد الكريم البكار: إعراض شبابنا عن القراءة مشكلة أكبر من مشكلة البطالة والطلاق وإدمان المخدرات؛ لأن الجهل هو الطريق السريع لكل ذلك؛ فللثقافة شأن عظيم في إدراك الشباب والشابات لمدى خطورة كل ما من شأنه النخر في بنية المجتمع، وعلى رأسها المخدرات التي هي الطريق السريع لباقي آفات الجرائم المختلة… وقد يكون إلقاء الضوء على المخدرات ونشأت بعضها من الأمور التي تتطلبها المرحلة. فالمخدرات لم تنشأ اليوم وإن تنوعت واتسعت دائرتها. فمافيا المخدرات وحش لا يرتوي من دم ضحاياه. فيتفنن في اختراع الأساليب وكذلك العمل على إغراق المجتمعات بها، وكل ما ظهر نوع جديد وكان أكثر إيذاءً والقليل منه يسبب النشوة التي تكون بداية الإدمان هم حريصون على نشره وتهريبه إلى كل أنحاء العالم. فبالنسبة لهم المؤذي ثمنه فيه. في الحضارات القديمة آثار كثيرة تدل على معرفة الإنسان بالمواد المخدرة منذ تلك الأزمنة البعيدة، فتعتبر الكحوليات من أقدم المواد المخدرة التي تعاطاها الإنسان، ومن ثم تطورت سلبًا إلى أنواع متعددة من المخدرات الأكثر ضررًا. ومع الأسف رأينا كيف عملت المافيات العالمية على الاستفادة من العلم الذي طوَّر مجموعة من المواد المخدرة لتفيد البشرية طالما استعملت بالطريقة الصحيحة المشروعة والمقننة. فمثلًا المورفين وهو أحد مشتقات الأفيون، استطاع العالم الألماني سير تبرز عام 1806 من فصله عن الأفيون.
فساعد الاستخدام الطبي له في العمليات الجراحية خاصة إبان الحرب الأهلية التي اندلعت في الولايات المتحدة الأميركية 1861، ولكن تلقفته العصابات؛ لتجعله أداة للموت بدلًا من عامل مساعد في الحياة، أما الحشيش فقد عرفه العالم الإسلامي في القرن الحادي عشر الميلادي، حيث استعمله قائد القرامطة في آسيا الوسطى حسن بن صباح التي انفصلت طائفته عن الفاطميين، وعرفت هذه الفرقة بالحشاشين. ورغم أن كل أنواع المخدرات شديدة الضرر، ولا يسلم مستعملها من دمار صحته بدءًا من العقل وانتهاءً بالجسم. فإن خطورة “الشبو” تفوق في سرعة ضرره وهلاك مستعمليه جميع المواد المخدرة، لكونه مخربًا لجميع أجهزة جسم الإنسان، وعلى رأسها الخلايا العصبية، فمع بداية تعاطي الشباب له يشعرون بإحساس بالنشوة والسعادة، لكن سرعان ما لا تدوم سعادة تلك البدايات المميتة، حيث يُعاني المتعاطي سلوكًا عدوانيًا مفرطًا تجاه جميع من حوله، وحتى نفسه، نتيجة هلاوس سمعية وبصرية، وفقدان الوزن، وسقوط الأسنان، وارتفاع معدلات دقات القلب، مع التدمير المتواصل للخلايا العصبية، وعبر شهور قليلة يتحول مظهر متعاطي “الشبو” من شاب من العشرينيات إلى عجوز في السبعينيات. لقد ذكر التقرير الأممي أن نحو 284 مليون شخص أو 5.6% من سكان العالم تعاطوا المخدرات. ولقد تجاوز عدد الأميركيين الذين توفوا نتيجة تناولهم جرعات زائدة من المخدرات، الـ104.000 شخص خلال فترة سنة امتدت بين شهري سبتمبر (أيلول) 2020 وسبتمبر 2021. وقد شكَّل ذلك عددًا قياسيًا من ضحايا المخدرات الذين تضاعفت أعدادهم فمثلًا مخدر الفينتانيل في الولايات المتحدة، أظهرت الأرقام أنه يتسبب في وفاة نحو 9 أميركيين في كل ساعة حتى الآن.
وأشارت الإحصائيات إلى أن معدل الوفيات ارتفع العام الماضي، بسبب هذه المادة المخدرة إلى 10%، ليصل إلى أكثر من 110 آلاف وفاة.
خاتمة…المخدرات بوابة مشرعة لا يدخل منها إلا أعداء الوطن والخونة والمارقين، وأبشع درجات الخيانة هي من ابن وطن نبتت لحمته من أرضه وامتلأ جيبه من خيره، ومن مقيم شاركنا عيشه وملحه ولم يبخل عليه بعطائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى