تتطلع الشعوب العربية، وتتجه بوصلتها التفاؤلية إلى القمة العربية 32 المُقامة في مدينة جدة، وهي تعقد في منعطف كارثي وواقع مأساوي يدعو إلى الشفقة، تجرعت خلالها الأمة الثكلى الألم، ولعقت الجراح وامتزج الدمع بالدم من تحديات داخلية وأطماع خارجية إقليمية ودولية لأحداث تغيير بنيوي على مختلف الأصعدة؛ لتحقيق الهيمنة والسيطرة على مقدرتها وإمكاناتها التي تمتلكها، وتمنحها القوة من مواقع استراتيجية ومضايق مائية وقوة اقتصادية متنوعة وكثافة بشرية شبابية تستطيع بها إذا تحققت بجناحي الإرادة والوعي المستنير القفز إلى مصاف الدول والتحالفات العظمى.
لذلك تنشد الأمة العربية قادة العرب وزعمائها التي تقع على عاتقهم مسؤولية كبرى أن يكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا، وينبذون الفرقة والخلاف، وأن يتحدوا ضد التحديات التي يواجهونها من ثورات وتطرف وإرهاب، وتهجير وتدمير وتخلف، وفقر وفتن وعنف، وصراع دموي عنيف مدمر.
وهذا ما يحدث على تضاريس الوطن العربي من تقرحات الجُرح الفلسطيني والنزاع العربي الإسرائيلي، واللهيب العراقي الدامي ومأساته، ولبنان وفقده لسيادته وانشقاقاته بحزب الله ومخدراته،
والسودان المهووس بالنزاع على السلطة وكثافة مشاكله، والصومال الذي غدا هياكل عظم مجاعة وحروب، وسوريا المُحطمة بغول التهجير والتدمير، واليمن الشقي بحروبه وصراعه مع أشقائه، وما من قطر عربي إلا والهموم في قلبه وتخومه من تدخلات القوى الكبرى الدولية، والدول الإقليمية التي تبث سمومها بدق آسفين الحقد والكراهية والطائفية النتنة في المجتمع العربي لئلا يكون قوة ويعيد أمجاده.
فيجب على القادة في قمتهم التفاعلية والتفاؤلية تصفير الأزمات في المنطقة، وتعزيز الأمن، وتوثيق العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية، وصنع إكسير القوة التي تمتلكه لمعالجة ضعفها وإعادة رسم ملامحها التنموية، والحفاظ على حاضر المنطقة وحضارتها وتاريخها وثرواتها؛ فالأحداث تؤكد سلامة قانون الوحدة القوي والمصالح المشتركة في عصر لا يعترف إلا بالقوة، ولا مكان فيه للتكتلات الهشة الممزقة والمتشرذمة.
فالشعوب العربية الأبية تأمل الخروج من عُمق العتمة الحالكة؛ لينبثق نور القوة والنهضة وحلمها بالخروج بقرارات تتخذ، وتطبق بوعي رشيد ورأي سديد؛ لتعكس التصميم على السير قدمًا بإيمان وقناعة وندية لتطلعات الأمة واستثمار كل الإمكانات، وتجاوز حالات الوهن، وتحصين الأمن القومي، ومحاربة التطرف والإرهاب، والبدء في تنفيذ المشروع العربي النهضوي للأوطان والشعوب.
ومضة:
ثقافة الوحدة، وسلاح النهضة، ينتصر على ثقافة التشتت، وسلاح التخلف، (فالقنابل النووية ـ أيادٍ توحدت).