اُختتم أمس الأربعاء (17 مايو 2023م) الاجتماع التحضيري لمجلس وزراء الخارجية العرب بمدينة جدة استعداداً للقمة العربية الثانية والثلاثين على مستوى القادة المقرر انعقادها يوم الجمعة (19 مايو الجاري).
وخلال الاجتماع، تسلم وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان رئاسة القمة العربية من نظيره الجزائري أحمد عطاف، حيث ترأس الوزير السعودي الاجتماع الوزاري وذلك للنظر في مشاريع القرارات التي سيتم رفعها إلى قمة القادة بعد غد الجمعة.
وقال الأمير فيصل بن فرحان في كلمته: “تمر المنطقة بتحديات كبيرة على الأصعدة كافة، ونتطلع لمواجهة التحديات العربية المشتركة بما يحقق التطلعات”، مضيفاً: “نحتاج للعمل المشترك على رفعة الشعوب العربية، وعلينا أن نبتكر آليات جديدة لمواجهة التحديات التي تواجه دولنا”، كما رحب الأمير بمشاركة الوفد السوري بالقمة بعد انقطاع دام لنحو 11 عاماً.
وكانت الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية قد بدأت على مستوى المندوبين الدائمين بالجامعة العربية يوم الإثنين (15 مايو) قبل أن يلتئم الثلاثاء (16 مايو) الاجتماع الثاني.
وكان وزير الخارجية الجزائري قد دعا في كلمة تسليم رئاسة القمة للمملكة العربية السعودية إلى إبقاء الخلافات العربية داخل البيت العربي، مشدداً على أن القمة القادمة تسعى لتوحيد الكلمة لمواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة.
وأيّد عطاف جهود المملكة العربية السعودية التي تبذلها لوقف النار في السودان وحل الأزمة، مرحباً بعودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، لافتاً إلى أن الحوار “الليبي-الليبي” وحده سيعيد الاستقرار إلى ليبيا، مشدداً على مواصلة الجهود لتحقيق المصالحة الفلسطينية وصولاً للوحدة الوطنية، ودعم تطلعات الشعب اليمني لاستعادة أمنه واستقراره، آملاً أن يشهد لبنان تفاهما بين أبنائه لحل أزمته الداخلية.
ومن جانبه، أكد أمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط أن الحضور العربي كامل في قمة جدة، مرحباً بعودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية مسؤولة عن تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، موضحاً أن الوضع هناك بات يقترب من مرحلة الانفجار، لافتاً إلى أن هناك مؤشرات إيجابية من إيران وتركيا لوقف تدخلهما في شؤون الدول العربية.
واعتبر أبو الغيط أن الأزمات في سوريا واليمن وليبيا تحتاج لمقاربات من أجل إخراجها من الجمود، مشدداً على أن “قمة جدة” تعد فرصة لوضع حد لمظاهر التسلح في السودان.
وقد بذلت قيادة المملكة العربية السعودية خلال الأشهر الأخيرة جهوداً مضنية لتهيئة الأجواء لنجاح “قمة جدة”، ومن مظاهر ذلك جمع طرفي النزاع في السودان (الجيش الوطني، وقوات الدعم السريع) في جدة وتوقيع اتفاق مبدئي لتغليب “الجانب الإنساني” وسط ويلات القتال، وكذلك التحضير لعودة سوريا للقمة بعد غياب 11 عاماً، علماً بأن دمشق قد شاركت في الاجتماعات التحضيرية للقمة (من المتوقع أن يحضر الرئيس السوري بشار الأسد القمة)، إضافةً إلى توقيع اتفاق مصالحة تاريخي يوم 10 مارس المنقضي بين المملكة وإيران برعاية صينية في بكين، وما استتبع ذلك من محادثات مباشرة بين المملكة وجماعة الحوثي في اليمن بهدف توقيع اتفاق سلام بين الحوثيين والحكومة الشرعية.
ومن المنتظر أن تُحدث “قمة جدة” اختراقاً سياسياً مهماً في اتجاه إعادة بناء المنطقة العربية بشكل راسخ يعتمد على المصالح وتحويل التحدّيات إلى فرص، وهذا ما نأمله جميعاً كشعوب عربية.
………………………..
* صحفي وكاتب مصري
0