المقالات

قمة جدة وعنجهية العسكر

لقد بذلت المملكة العربية السعودية ومازالت تبذل، كل جهودها السياسية للإصلاح ولم شمل الأمتين العربية والإسلامية؛ وذلك بتصفير المشاكل ونبذ الفرقة والتشتت بين الدول العربية والإسلامية، وآخر تلك المجهودات المباركة التي تبذلها السعودية في هذا الشأن، هي انعقاد القمة العربية في مدينة جدة، وما نتج عنها من توافق عربي غير مسبوق فيما تمَّ اتخاذه من قرارات، وما صدر عنها من بيان ختامي متوافق عليه من الجميع، وأيضًا ما تزامن مع تلك القمة من جمع الفرقاء السودانيين على طاولة المفاوضات التي تمخض عنها إعلان جدة، لمحاولة التهدئة وتخفيف التوتر والتصعيد بين طرفي الصراع؛ للحفاظ على استقرار السودان، وتجنيبه دواعي الانقسام والفوضى ..
ولكن مع شديد الأسف، فإن ما بذله المصلحون (السعودية والولايات المتحدة الأمريكية) في جدة من مجهودات سياسية لتهدئة الأوضاع في السودان، وما تقرر من فرض هدنة رسمية لمدة سبعة أيام تمهيدًا للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، لم يلقَ أذانًا صاغية ولا عقولًا راشدة من قبل طرفي القتال في السودان؛ حيث استمر القتال وتواصلت الاشتباكات بين الطرفين دون أي اعتبار للهدنة التي فرضها المصلحون بموافقة وتوقيع مندوبي الصراع !!!
وإن دلَّ ذلك على شيء، فإنما يدل على جهل وعنجهية العسكر لأبجديات علم السياسة، وعدم قدرتهم على استيعاب مخرجات وأساليب المجهودات السياسية التي عُقدت لقاءاتها في جدة ..
ولهذا أكرر القول، بأن الحل الأسلم لهذه الحرب العبثية في السودان، هو توحد الشعب السوداني في وجه القائدين المتحاربين، وبالتعاون الإقليمي والدولي من أجل عزل هذين الرجلين البرهان وحميدتي، وتشكيل مجلس مدني برئاسة وزير الخارجية السوداني، للعودة إلى المسار الديمقراطي من خلال انتخابات سودانية لاختيار رئيس مدني لحكم السودان ..
وغير ذلك سيبقى السودان في صراع عسكري متواصل، وربما يتحوَّل هذا الصراع لاحقًا إلى حرب أهلية مدمرة للمجتمع السوداني، مما يقود في نهاية الأمر إلى تقسيم السودان إلى عدة دويلات متناحرة وغير مستقرة، المجتمع السوداني ليس كغيره من المجتمعات المتجانسة؛ حيث يتكوَّن من مجموعة من القبائل والأعراق والقوميات، وبالتالي فإن تلك الحالة ستكون نتائج صراعاتها أسوأ وأخطر..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى