حطموه.. أصدروا القرارات تلو القرارات في كل يوم في كل شهر في كل عام حتى تحطموه، اتخذِوا العقوبات بعد العقوبات حتى تهدموه، حطموه.. صمموا الجزاءات عقب الجزاءات حتى تهدموه، ضاقت صدوركم بانتصاراته، ضاقت آفاقكم باعتلائه منصات التميُّز، ضاقت عقولكم بإنجازاته الدائمة فتاهت أفكاركم، ولم تروا إلا كيف تصنعون له كل العقبات والمآسي حتى توقفوه..! جمعتوا له كل أنواع الألم وكل ألوان الوجع، وكل أشكال التعب حتى أرهقتموه.
أوقفوه إن استطعتم هنا أو هناك وبلا أي ذنب ارتكبه أوقفوه، أوقفوه إن استطعتم بكل وسيلة ممكنة أو غير ممكنة لغاية بائسة أوقفوه، أوقفوه فمثله أزعجكم فلا بدّ لكم أن توقفوه.. فقد اعتلاكم الإحباط بعد أن أحاطكم من كل جانب ترونه أو حتى لا تروه، أوقفوه.. فقد جلب لكم اليأس الذي تعرفونه، والذي بأي حال لا تنكروه.
احرموه يا أصحاب النفوس العجيبة، والأنفاس الساخطة احرموه؛ فقد عانقه الفرح بمقر داره عقودًا من الزمن الجميل فاحرموه، احرموه فقد أتعبتموه ليل نهار بكرهكم حقًا أتعبتموه، احرموه فقد سلبتم مزايا جماله وسمات كماله، احرموه فلم يعد يقوى على السير كثيرًا احرموه، ولا تنسوا مع حرمانه تراقصوا بقوة على جراحه المتجددة ولا ترحموه.
ولكن أفهموهم أن نور شموخه لا يحجب بغربال الحقد بالله عليكم أفهموهم، أفهموهم أن حضرة المجد عقد رباط العهد معه بعد رباط الوعد؛ فليس بالإمكان أن تحلوه، أفهموهم أنه بكل عزم نقش الفخر في عنان السماء لشرف لم ولن تصلوه. وكيف لضعيف النظر أن ينظر لعالي السماء؟ فنظراته إلى أدنى الثرى أو ما دون ذلك.
وأنت أيها المدلل وبرأيك ماذا تنتظر حتى الآن من فرص متتالية الواحدة تلو الأخرى حتى تنهض؟ وأنت أيها الكسول ماذا تنتظر من مفاتيح تلقى وأبواب تفتح ونوافذ تشرع؛ حتى تظفر بحلمك التعيس؟ وأنت أيها المدلل ماذا تعني لك كل هذه الظروف المقبولة وغير المقبولة..متى من الممكن أن تفهم وتفهم حتى تنتصر؟
تبعث ملامح المجد مع كل نور فجر صادق ملامح خيوطها؛ فيلتقطها من وهبه الله ذكاء وفهم موجبات تحقيق غالي الأمجاد، ويترنح ذلك البائس بعد توقف فكره وتعطل تفكيره..فلا يدرك تلك المتطلبات أو يفهمها من قريب أو من بعيد؛ فيشتعل الحسد في صدره، ويوقد الحقد نيرانه في جسده فيبدأ في رسم تفاصيل الكراهية والبغضاء والضغينة؛ حتى يطلقها في جميع الأماكن المعتادة؛ ليصدقها السذج ويكاد يقع في براثينها بعض العقلاء..! فيصرف الله الشر كل الشر عن ذلك المجتهد فيحقق طموحات عجز عنها ذلك المدلل.. وكل مجد وأنت مع السعادة الدائمة أيها البطل فلا تهتم وامضِ في مسيرتك الخالدة التي ليس من السهولة تكرارها على الآخرين، وأولهم المدلل الذي لا يعرف ولن يعرف متى ينجح؟